كلاش بريس / صحف
يرتقب أن تحسم الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية أموال بمحكمة الاستئناف بالرباط، مساء اليوم الخميس، محاكمة المتهمين في ما بات يعرف بملف «قاضي تطوان»، الذي يتابع فيه رئيس غرفة سابق بمحكمة الاستئناف بتطوان ومحامون وموثق ووسطاء، بتهمة التلاعب في أحكام قضائية مقابل تلقي رشاوى مالية.
وأكدت مصادر «الأخبار» أن الهيئة القضائية المذكورة التي يترأسها القاضي الشاب الخياري واصلت، الاثنين الماضي، جلسة المناقشة والمرافعات الخاصة بهذا الملف المثير، امتدت إلى فجر أول أمس الثلاثاء، قبل أن تقرر الهيئة إرجاء استكمال المرافعات والبت النهائي في الملف ضمن جلسة خاصة، تعقد اليوم الخميس، بغرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط.
وأفادت مصادر الجريدة بأن جلسة الاثنين الماضي تميزت بمواجهة وصفت بالمثيرة جمعت المتهم الرئيسي في الملف، وهو القاضي رئيس غرفة الجنايات السابق لدى محكمة الاستئناف بتطوان، وزوجته السابقة التي فجرت فضيحة التلاعب في الأحكام القضائية بمحكمة الاستئناف بتطوان، بقيادة المتهم، حيث صرحت من جديد بكل الاتهامات التي وجهتها إليه ضمن شكايتها الأولى، كما أسهبت في سرد تفاصيل جد خطيرة ودقيقة تتعلق بطبيعة بعض الملفات التي تلاعب فيها، وتفاصيل الرشاوى التي تلقاها، مقابل التأثير في الأحكام ومآلات الملفات الرائجة بين يديه، كما عرجت أمام الهيئة القضائية وزوجها المتهم وهيئة الدفاع على مشترياته وبعض تجليات الفساد المالي المنسوب إليه، فضلا عن علاقاته وممتلكاته، مؤكدة أنها ساعدته على تربية أبنائه، بمن فيهم المتهمان في الملف نفسه، وهما ابنه الموثق بالجديدة وابنته المحامية، اللذان يتابعان في حالة سراح إلى جانب والدهما.
وكان المتهمون في هذا الملف قد مثلوا، نهاية مارس الماضي، أمام قضاة غرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف الرباط، ويوجد بينهم قضاة ومحامون ورجال أعمال ووسطاء.
وكانت القاضية، لبنى لحلو، المكلفة بالتحقيق بالغرفة الخامسة بقسم جرائم الأموال قد أنهت، نهاية فبراير الماضي، جلسات التحقيق الماراطونية التي شملت 11 متهما متابعا في هذه الملف المثير للجدل الذي هز الرأي العام الوطني والمحلي بتطوان، في نونبر من السنة الماضية، بعد تسريب تسجيلات جد خطيرة منسوبة لزوجة قاض سابق باستئنافية تطوان، كشفت تلاعبات في أحكام قضائية ورشاوى مالية بالجملة.
وبعد تدخل الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط الذي أشرف على تفاصيل البحث والاعتقال، تمكنت قاضية التحقيق بحرفيتها المعهودة سبر أغوار ملف الفساد المالي الذي تفجر باستئنافية تطوان، حيث أجرت مواجهات حارقة بين كل المتهمين الذين وردت أسماؤهم في التسجيلات المسربة، فضلا عن إجراء خبرات تقنية موازية على هواتف المتهمين وحساباتهم البنكية، قبل أن تتخذ قرارات تقضي بمتابعة قاض مستشار سابق بمحكمة الاستئناف بتطوان في حالة اعتقال، رفقة محامين، فيما قررت متابعة ستة آخرين في حالة سراح، بينهم أربعة محامين، ضمنهم ابنة القاضي، إضافة إلى ابن آخر له يشغل مهمة موثق ورجل أعمال في الآن نفسه.
وبحضور عدد كبير ووازن من المحامين من هيئات الدار البيضاء والرباط وتطوان، حضر المشتبه فيهم إلى قصر العدالة بالرباط، وضمت اللائحة قاضيين متقاعدين من مواليد سنتي 1959 و1957، سبق أن اشتغلا معا بمحكمة الاستئناف بتطوان، حيث تفجرت الفضائح، ثم منتدب قضائي لدى استئنافية الحسيمة من مواليد السبعينيات.
كما ضمت لائحة الأشخاص المرتبطين بهذا الملف الذين مثلوا أمام النيابة العامة وقاضية التحقيق بقسم جرائم الأموال، محامية بهيئة الجديدة من مواليد سنة 1990 وموثق من مواليد سنة 1986، وهما نجلا أحد القضاة المتابعين في الملف، ثم ربة بيت من مواليد سنة 1978، وهي موظفة سابقة بإحدى الجماعات نواحي تطوان، إضافة إلى مقاول من مواليد سنة 1958، فضلا عن أربعة محامين آخرين، ثلاثة منهم ينتمون إلى هيئة المحامين بتطوان، ورابعهم من هيئة المحامين بالدار البيضاء.
وتعود أطوار هذا الملف المثير والمرتبط بتسجيلات جد خطيرة منسوبة لزوجة القاضي المعتقل إلى سنة 2023، وتفيد بتورط زوجها القاضي إلى جانب قضاة ومحامين وموظفين في التلاعب في أحكام قضائية، مقابل تسلم رشاوى وامتيازات، وهي الفضيحة التي أمرت النيابة العامة المختصة بالبحث فيها وفك كل ألغازها.
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة جرائم الأموال بالرباط قد توصل بمحاضر الاستماع التي تم إنجازها من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، فضلا عن تقارير لجان التفتيش التي قامت بالبحث والتدقيق في القضايا والاتهامات التي ادعتها زوجة القاضي، بعد أن صرحت بفضائح السمسرة في محكمة الاستئناف بتطوان وشبهات بيع الأحكام.
وكانت زوجة القاضي قد صرحت أن هذا الأخير كان يتاجر في قضايا معروضة عليه برفقة محامين وغيرهم من السماسرة، وبسطت المعنية فضائح بالجملة في شكاية رسمية، تتهم فيها الزوج القاضي ببيع أحكام قضائية، مع تقديمها لتسجيلات في الموضوع إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بتطوان الذي باشر الاستماع إلى العديد من المشتبه في تورطهم في الملف، بينهم قضاة ومحامون ومقاول وموثق، كما انصبت الأبحاث المنجزة لاحقا على التدقيق في بعض الاتهامات المتضمنة في الشكاية، تتعلق تحديدا بمصير ملف سيارة «لامبورغيني»، وحيثيات الإجراءات الخاصة بحادثة سير تسبب فيها سائق السيارة الفارهة، والوثائق القانونية الخاصة بها، والسراح الذي منح لمتهم في القضية بالغرفة الجنحية، فضلا عن تفاصيل أخرى في ملفات جرى التكتم عليها بشكل كبير في إطار سرية التحقيقات والاستنفار الذي شهدته محكمة الاستئناف بتطوان، ثم مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، بعد دخولها على الخط، بتنسيق مع الوكيل العام للملك لدى محكمة جرائم الأموال بالرباط.