كلاش بريس /. الرباط
ما قاله وزير العدل عبد اللطيف وهبي في لقاء صحفي مع الرمضاني ، حين كشف أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، “شتمه علناً واتصل به هاتفياً في الليل”، ليس مجرد تفصيل عابر، بل صفعة حقيقية في وجه من لا يزال يعتقد أن ما يجري في السياسة المغربية صراع حقيقي.
تصريح وهبي لحظة فارقة تفضح كل شيء: الخصومات المصطنعة، المعارك الكلامية التي تُطبخ بعناية أمام الكاميرات، ومشاهد “السب والقذف” التي يتم الترويج لها كمواقف مبدئية، ما هي إلا فصول من مسرحية رديئة، لا تُقنع حتى من كتبها.
الوزير لم يخجل من التصريح، ولا بنكيران كذّب الرواية، لأن الاثنين يعلمان أن اللعبة مستمرة، وأن الجمهور، أي المواطن المغربي، ما زال يُعامل على أنه مجرد متفرج، لا يستحق إلا القليل من الإثارة اللفظية، وبعض الدخان السياسي، قبل أن يُطلب منه التصويت مرة أخرى.
لكن الحقيقة المرّة هي أن هذه الممارسات تُعمّق القطيعة بين الشعب والسياسة. فحين يرى المواطن أن السياسيين يتبادلون الشتائم في الصباح، ثم يتواصلون بودّ في المساء، يفقد الإيمان بالعملية كلها. حين يُستخدم الغضب كمادة للتسويق السياسي، وتُستعمل القيم والمبادئ كأدوات للتهريج، فلا تنتظر من الشعب إلا المزيد من النفور، والمزيد من العزوف.
ما كشفه الوزير وهبي، عن قصد أو عن سذاجة، هو أن لا شيء في المشهد السياسي حقيقي. الصراعات مفتعلة، الخلافات تُدار بمنطق المسرح، والخصومات لا تتجاوز حدود البلاغة أمام الكاميرا. أما وراء الستار، فالمصالح تتصالح، والصفقات تُعقد، والوجوه تبتسم، كأن شيئاً لم يكن.
إن أكبر خطر على الديمقراطية في هذا البلد، ليس القمع ولا الفساد فحسب، بل هذا الاستخفاف بذكاء الناس، وهذه الرغبة المستمرة في إيهامهم بأن ما يشاهدونه صراع، بينما هو مجرد أداء مسرحي متكرر، لا ينتج تغييراً ولا يحترم وعياً.

















