في لحظة سياسية فارقة، ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مجلساً وزارياً بالقصر الملكي بالرباط، خُصص للتداول في التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2026، والمصادقة على مشاريع قوانين تنظيمية تهم الحياة السياسية والحزبية والانتخابية.
بلاغ الديوان الملكي كان واضحاً في رسائله العميقة: المرحلة المقبلة عنوانها تخليق المشهد السياسي، وإعادة الثقة للمغاربة في المؤسسات المنتخبة.
فحين يتحدث الملك عن تأهيل الحقل الحزبي وتحصين الولوج إلى المؤسسة التشريعية من المفسدين والمتورطين في العبث الانتخابي، فهو في الواقع يضع الجميع أمام مسؤولياتهم: الأحزاب، القضاء، والمجتمع.
وفي هذا السياق الوطني الكبير، تتجه الأنظار إلى مدينة خريبكة، التي أصبحت مرآة تعكس التحديات الحقيقية لتخليق الحياة العامة، وسط كثرة الملفات القضائية التي مازالت عالقة منذ سنوات، والمتعلقة بعدد من المنتخبين والمسؤولين المحليين الذين تحوم حولهم شبهات التبديد أو استغلال النفوذ أو العبث بالمال العام.
واذا كان الملك يشد على تخليق المشهد السياسي فإن اثمن هدية يمكن أن يقدمها القضاء لساكنة خريبكة اليوم، هو الإسراع في البت في كل القضايا المعروضة أمامه، قبل موعد الانتخابات المقبلة.
والطلب هذا ليس رغبة في الانتقام، بل من أجل الإنصاف والوضوح والقطع مع التلاعب بالثقة الشعبية ؛ فمن غير المقبول أن يتوجه المواطنون إلى صناديق الاقتراع وهم لا يعرفون إن كان من يمثلهم متابعاً بريئا أو ملوث السيرة.
إن تأخر الأحكام في مثل هذه القضايا لا يخدم إلا المفسدين الذين يتقنون اللعب على الزمن، ويتسترون وراء المساطر والمماطلات للبقاء في المشهد، واستغلال الثغرات القانونية للعودة إلى الواجهة كمرشحين جدد، وكأن شيئاً لم يكن.
لقد آن الأوان لأن يتجسد مضمون ما جاء في المجلس الوزاري الأخير، الذي أكد على تأهيل العمل الحزبي وتخليق الاستحقاقات المقبلة، على أرض الواقع، عبر إرادة قضائية حازمة تقطع الطريق على المفسدين، وتفتح الباب أمام الكفاءات الشريفة لخدمة الوطن والمدينة ولا سبيل لذلك إلا من خلال عدالة سريعة، تضع حداً للفوضى الانتخابية التي شوهت المشهد المحلي لسنوات، وتمنح الأمل لجيل جديد من الشباب في ممارسة سياسية نظيفة.
والحقيقة أن أجمل هدية لساكنة خريبكة في هذا الزمن بالضبط هو أن يقول القضاء كلمته في ملفات معروف صيتها وأن يُغلق كل ملف مفتوح قبل الانتخابات المقبلة، حتى يدخل الجميع المرحلة القادمة بصفحة بيضاء، تُكتب فيها السياسة بالنزاهة لا بالمال، وبالكفاءة لا بالزبونية.