كلاش بريس /. الرباط
في تطور مهم يعكس مكانة المغرب المتنامية على الساحة الدولية، برز الموقف البريطاني مؤخراً كداعم واضح للمقترح المغربي للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية. هذا الموقف، الذي اعتبر المبادرة المغربية أساساً جاداً وذا مصداقية لحل النزاع، يشكل مكسباً دبلوماسياً جديداً يعزز موقع المغرب إقليمياً ودولياً.
ويأتي هذا التأكيد في سياق سلسلة من المواقف الإيجابية التي عبرت عنها قوى دولية كبرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا وهولندا، والتي باتت تعتبر الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الخيار الأكثر واقعية ونجاعة لإغلاق ملف عمر طويلاً.
الدعم البريطاني لا يأتي من فراغ، بل هو نتيجة مسار دبلوماسي هادئ وفعّال اعتمده المغرب خلال السنوات الأخيرة، والذي قام على أساس تطوير الشراكات الاستراتيجية مع القوى العالمية على أسس متوازنة ومبنية على المصالح المتبادلة. وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، برز المغرب كفاعل إقليمي مهم تسعى لندن لتعميق علاقاتها معه، سواء على المستوى الاقتصادي أو الأمني أو الجيوسياسي. ويُفهم من هذا التوجه أن الاعتراف بالمبادرة المغربية لا يخدم فقط مصلحة المغرب، بل يستجيب أيضاً لتطلعات بريطانيا في ضمان استقرار منطقة شمال إفريقيا والساحل، ومواجهة التحديات المرتبطة بالإرهاب والهجرة غير النظامية.
كما أن هذا الدعم يحمل في طياته رسالة واضحة إلى الأطراف الأخرى مفادها أن المقاربات الانفصالية قد فقدت بريقها ولم تعد تجد آذاناً صاغية في العواصم المؤثرة. فالمجتمع الدولي بات يدرك أن الحل الواقعي الوحيد لهذا النزاع المفتعل هو القائم على منطق التوافق واحترام السيادة الوطنية، وهو ما تجسده مبادرة الحكم الذاتي التي تمنح ساكنة الصحراء المغربية صلاحيات واسعة في إطار دولة موحدة.
في هذا السياق، يعزز الموقف البريطاني من عزلة الأطروحة الانفصالية، ويمنح المغرب دعماً إضافياً في المحافل الدولية، وخاصة داخل مجلس الأمن حيث تلعب بريطانيا دوراً محورياً. كما أنه يقوي الزخم الدولي المتنامي الداعم للمبادرة المغربية، ويفتح الباب أمام دول أخرى للحاق بركب الواقعية السياسية والاعتراف بجدية الطرح المغربي.
كل هذه المعطيات تؤكد أن الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس نجحت في ترسيخ رؤية واقعية ومقنعة لحل نزاع الصحراء، رؤية باتت تجد صدى متزايداً لدى القوى الدولية الكبرى. وموقف بريطانيا الأخير ليس سوى حلقة جديدة في مسار اعتراف عالمي يتسع يوماً بعد يوم لصالح المقترح المغربي، ويكرس مشروعية قضيته الوطنية الأولى على المستوى الدولي.