:
كلاش بريس /. الرباط
مع اقتراب عيد الأضحى، وفي ظل أزمة اقتصادية خانقة طالت كل فئات المجتمع، يواصل المغاربة التحضير لشراء الأضاحي، رغم الغلاء غير المسبوق الذي عرفته أسعار اللحوم، والذي تجاوز في بعض الحالات سقف 100 درهم للكيلو . هذا الإقبال، رغم الظروف الصعبة، لا يمكن قراءته فقط كوفاء لتقاليد دينية، بل يحمل في طياته مخاطر استغلال سياسي واجتماعي كبير.
الأمر اللافت هذا العام أن الملك محمد السادس نفسه أعلن عن إلغاء ذبح الأضحية، في قرار رمزي قوي يُفترض أن يكون نموذجاً لبقية المواطنين، . ومع ذلك، تستمر فئات واسعة من المجتمع في الاستعداد لهذه المناسبة،.
لكن الخطر الأكبر لا يكمن فقط في الضغط المالي، بل في الطريقة التي قد تُستغل بها هذه المشاهد من طرف جهات داخل الحكومة أو من يدور في فلكها. من المنتظر أن تروج هذه الأطراف لخطاب مفاده أن “المغاربة عندهم ما يكفي”، وأن حديثهم عن تدهور القدرة الشرائية مجرد مبالغة لا تستند إلى الواقع. سيتم استخدام صور اقتناء الأضاحي ، كدليل على أن الأزمة ليست بذلك العمق الذي يُروَّج له، وأن المواطن المغربي ما زال قادراً على الإنفاق والاحتفال.
إن مقاطعة ذبح الأضحية هذا العام ليست فقط خيارًا عقلانيًا، بل ضرورة اجتماعية وسياسية. تنسجم مع قرار أعلى سلطة في البلاد، الملك محمد السادس، الذي اختار أن يلغي أضحية العيد ، في إشارة يجب أن تُقرأ جيدًا.
إلى جانب ذلك، لا يمكن إغفال أن جهات سياسية ستسارع إلى استغلال مشاهد الإقبال على شراء الأضاحي لتسويق رواية مفادها أن المغاربة ليسوا فقراء كما يدّعون، وأن قدرتهم على اقتناء الأضاحي دليل على أن الوضع الاقتصادي ليس بتلك الخطورة ومن جهتهم، سيجد “الفراقشية” والوسطاء في هذه المناسبة فرصة لترويج نفس الفكرة، مؤكدين أن المغاربة مستعدون لتحمل فاتورة ارتفاع الأسعار، وأن الطلب المرتفع يبرر الغلاء.
المغاربة اليوم مدعوون لا إلى التنازل عن دينهم، بل إلى استرجاع جوهره، الذي يجعل الاستطاعة شرطًا لكل عبادة، ويجعل الكرامة فوق كل المظاهر. فكما أن العيد شعيرة، فإن الوعي أيضًا شعيرة.
لهذا، إذا أراد المغاربة أن يُسمع صوتهم بوضوح، فعليهم أن يُظهروا موقفًا جماعيًا حازمًا: كونوا رجالاً، واتركوا أضحية العيد جانبًا هذا العام. ليست خيانة للدين، بل دفاع عن الكرامة، ورفض لأن تُستعمل الشعائر غطاءً للعبث السياسي والاقتصادي.