كلاس سياسي
قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن المنتظر من وزير العدل وبعض البرلمانيين الموالين له كان أن يشحذوا أدواتهم القانونية والدستورية والحقوقية للدفاع عن المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، عبر مرافعة رصينة ومؤسسة على أرضية قانونية وسياسية صلبة.
وأشار الغلوسي إلى أن الرأي العام كان يأمل في نقاش قانوني مقنع يدفع نواب الأمة إلى التصويت على المادتين المذكورتين، غير أن ما حدث، بحسب تعبيره، هو لجوء الوزير ومن معه داخل قبة البرلمان إلى لغة “المعاطية” و”المعيار”، مستعيرين، على حد قوله، قاموساً مستمداً من العبارة الشهيرة: “أنا كنعرف اللون ديال التقاشر ديالك”، وذلك في محاولة لإقناع النواب بأنه يتوفر على معطيات خطيرة ضد جمعيات حماية المال العام.
وأضاف الغلوسي أن هذا الأسلوب لا يعدو أن يكون محاولة لإفراغ النقاش الحقيقي من محتواه وتحويله إلى اتجاه آخر، بعيداً عن صلب المشروع الذي يهم المجتمع ومصيره. وتابع قائلاً: “كلام الوزير يوحي بوجود جرائم خطيرة مثل الابتزاز والنصب والرشوة، وإذا كان يعلم بوقوعها فعلاً، فعليه أن يتوجه بها إلى القضاء، وإلا أصبح هو نفسه محلاً للمساءلة”.
وفي السياق ذاته، دعا الغلوسي الضحايا المفترضين لهذه الجرائم إلى تقديم شكاياتهم للجهات القضائية المختصة من أجل محاسبة المتورطين دون استثناء، منتقداً في الوقت نفسه صمت الوزير إزاء ممارسات بعض الأحزاب السياسية.
وتساءل رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام عن موقف وزير العدل بخصوص بعض الأمناء العامين للأحزاب الذين “يتاجرون بالتزكيات خلال الانتخابات ويهربون المرشحين بعد ظهور النتائج لتشكيل أغلبيات مفصلة على المقاس”، مضيفاً أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات وثّقت كيف أن بعض الأحزاب استولت على الدعم العمومي ورفضت إرجاعه إلى خزينة الدولة، وهي أفعال يعاقب عليها القانون الجنائي.
وشدد الغلوسي على أن هذه الأحزاب تستثمر في فقر المواطنين وهشاشتهم، وتستخدم أموالاً مشبوهة لاستمالة الناخبين، مما يساهم في إيصال أشخاص إلى البرلمان لا يملكون، حسب تعبيره، “عشا ليلة”، قبل أن يتحولوا إلى أثرياء في ظروف غامضة.
وساءل الغلوسي الوزير عن موقفه من بعض الأحزاب التي يدافع عنها باستماتة، رغم أن بعض قيادييها، حسب قوله، متورطون في قضايا الاتجار الدولي بالمخدرات، وتبييض الأموال، واختلاس المال العام، والتهرب الضريبي. وأضاف: “هل لدى الوزير ومن معه الجرأة للحديث عن هذه القضايا داخل البرلمان بنفس الحماس الذي هاجم به الجمعيات المدنية؟”.
وأكد الغلوسي أن هناك محاولات مكشوفة لتحويل البرلمان إلى أداة لتشريع القوانين لحماية “أسياد” السياسة من المحاسبة القانونية والرقابة الشعبية، من خلال الضغط على بعض الجهات في الدولة لمنع التبليغ عن جرائم المال العام، بل وحتى للمطالبة بحل الجمعيات الحقوقية وإنهاء دورها الرقابي.
واعتبر الغلوسي أن الجمعيات باتت “الحائط القصير” الذي تُمارَس عليه الضغوط، في حين يتم تجاهل القضايا الجوهرية كالإثراء غير المشروع، وتضارب المصالح، وإصلاح قانون التصريح بالممتلكات، ووضع استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة.
وختم الغلوسي مقاله بالقول إن السلطات تفضل التضييق على الصحفيين والحقوقيين وملاحقتهم قضائياً، بدل فتح أوراش حقيقية للإصلاح، موجهاً كلامه للوزير ومن معه: “إذا لم يعجب الناس الأمر، فما عليهم سوى أن ‘يخويو البلاد’، لأنها بلادكم، ونحن مجرد جمهور”.