أي منطق هذا ؟ مناصب للمتقاعدين.. وبطالة للشباب !!!

5 أكتوبر 2025
أي منطق هذا ؟ مناصب للمتقاعدين.. وبطالة للشباب !!!

كلاش بريس

في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة البطالة في صفوف الشباب المغاربة، وتتعالى أصوات المطالبين بفرص شغل تحفظ الكرامة وتفتح الأمل، يبرز مشهد غريب ومثير للاستغراب في عدد من المؤسسات و القطاعات ، حيث يُعاد إدماج أشخاص أنهوا مسارهم المهني وخرجوا للتقاعد، ليعودوا من جديد إلى مواقع المسؤولية أو الاستشارة أو حتى التدبير اليومي…مشهد يطرح أكثر من سؤال حول مدى عدالة توزيع الفرص في البلاد، وحول منطق تدبير الموارد البشرية في المؤسسات العمومية التي يفترض أن تكون نموذجًا في تجديد الدماء وتكافؤ الفرص.

من غير المقبول اليوم أن نرى شبابًا حاصلين على شواهد عليا، ومؤهلين بقدرات ومعارف حديثة، ينتظرون لسنوات طويلة بابًا يُفتح أمامهم، بينما يُستدعى من غادر الخدمة ليستأنف العمل من جديد، بدعوى الخبرة أو التجربة. لا أحد يُنكر قيمة التجربة، لكنها لا يمكن أن تكون مبررًا لإغلاق الأفق أمام جيل كامل يبحث عن فرصة واحدة لإثبات نفسه؛ غالتجديد لا يتحقق بالوجوه القديمة، والتطور لا يأتي من إعادة تدوير نفس الأسماء، بل من ضخ دماء جديدة تملك روح المبادرة والتفكير العصري، وتفهم متطلبات المرحلة الحالية.

المؤسسات التي تقبل بعودة المتقاعدين إلى مناصب المسؤولية تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية، لأنها تساهم بشكل مباشر في تكريس حالة الجمود وإقصاء الطاقات الشابة. أما الدولة، فهي معنية أولًا وأخيرًا بوضع حد لهذه الممارسات، عبر قوانين واضحة تمنع الجمع بين التقاعد ومناصب جديدة وتُلزم المسؤولين بفتح المنافسة أمام الشباب.

فالنتيجة الطبيعية لهذا الوضع هي تفشي الإحباط واليأس، واتساع دائرة الهجرة نحو الخارج بحثًا عن كرامة مهنية مفقودة في الوطن. حين يشعر الشاب أن بلده لا يمنحه فرصة عادلة، يفقد الثقة في المؤسسات، ويبدأ في البحث عن بدائل خارجية مهما كانت صعبة أو محفوفة بالمخاطر. وهنا يكمن الخطر الحقيقي: ليس فقط في ارتفاع نسب البطالة، بل في ضياع الأمل في التغيير.

لقد حان الوقت لمراجعة هذا الواقع غير المنصف، وإعادة النظر في السياسات العمومية المتعلقة بالشغل والتقاعد. فالتقاعد يجب أن يكون محطة للتكريم والراحة بعد سنوات من العطاء، لا بوابة للعودة واستمرار السيطرة على المناصب. المغرب اليوم في حاجة إلى كفاءاته الشابة، إلى عقول جديدة تُبدع وتبتكر وتدفع بعجلة التنمية إلى الأمام. ومن الظلم أن تبقى هذه الطاقات على الهامش، فقط لأن الباب مازال موصدًا بوجوه لم تغادر بعد.

إن مستقبل البلاد لن يُبنى إلا بشبابها، والعدالة في توزيع الفرص هي أول خطوة نحو مغرب جديد يُنصت لطموح الجيل الصاعد، ويمنحه حقه الكامل في المساهمة والبناء.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة