كلاش بريس /. الرباط
في عالم الاستخبارات، تُبنى الأساطير على الحقائق. ولكن في حالة “المنشق” المزعوم المهدي حيجاوي، تم بناء أسطورة وهمية على أكاذيب لم تصمد أمام أبسط حقائق العدالة والواقع.
لقد حاول البعض، مدفوعاً بأجندات معادية للمغرب، أن يصنع من شخصية هامشية “بطلاً تراجيدياً”، مستغلين فراغ الإعلام في فضاءات الإنترنت وقنوات اليوتيوب المجهولة لترويج سردية زائفة، لكن الأيام كشفت المستور، وأثبتت أن حجاوي لم يكن سوى موظف صغير تم فصله، ومحتال محترف سقط في شر أعماله.
لقد كانت الرواية الرسمية المغربية واضحة منذ البداية: المهدي حيجاوي لم يكن “الرجل الثاني” في جهاز الاستخبارات الخارجية المغربية (DGED)، ولا “كولونيل ماجور”. لقد كان مجرد موظف عادي، تم الاستغناء عن خدماته في عام 2010 بسبب “خطأ مهني جسيم” يتعلق بـ”علاقات مشبوهة مع جهات خارجية”.
هذه الحقيقة تضع المزاعم حول رتبته الرفيعة وخبرته الطويلة موضع شك عميق. فكيف يمكن لشخص يُزعم أنه تدرب في وكالات استخبارات عالمية كـ”السي آي إيه” و”الموساد” أن يُفصل بهذه البساطة ولسبب تأديبي؟
إن الفارق الزمني بين تاريخ مغادرته الحقيقي في عام 2010، والتاريخ الذي روجته قنوات المعارضة المأجورة في عام 2014، يكشف عن محاولة واضحة لتأطير قصته كـ”انشقاق” وليس كـ”فصل”. هذا التلاعب بالتواريخ كان جزءاً أساسياً من حملة تضليل ممنهحة تهدف إلى إضفاء أهمية سياسية على قضيته الجنائية البحتة.
فما هي حقيقة المهدي حيجاوي؟ الأدلة المادية والوقائع القانونية التي قدمتها السلطات المغربية والإسبانية تتحدث عن نفسها:
لقد كان محتالاً. استغل صورة “الخبير الأمني” المزيفة لجمع مبالغ مالية ضخمة من رجال أعمال مغاربة مقابل وعود كاذبة بتسهيل الهجرة إلى أوروبا. كما أنه تعاون مع شبكات إجرامية دولية، بما في ذلك شبكات تهريب المخدرات، واستخدم جوازات سفر مزورة للتنقل. هذه التهم الجنائية هي التي دفعت المغرب لإصدار مذكرة توقيف دولية بحقه، وهي التهم التي يواجهها أيضاً أمام القضاء الإسباني، بما في ذلك تزوير الوثائق.
إن محاولته المستميتة للحصول على اللجوء السياسي في إسبانيا باءت بالفشل، وهذا ليس مفاجئاً. فالقانون الدولي واضح: لا يمكن منح اللجوء السياسي لشخص مطلوب بتهم جنائية خطيرة. وهروبه من المراقبة القضائية في إسبانيا وتغيبه عن جلسات المحكمة يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه لم يكن “منشقاً سياسياً مضطهداً”، بل كان مجرماً هارباً من وجه العدالة.
لقد حاولت جهات معادية، خاصة من الجزائر، أن توظف قضية هذا المحتال لخدمة أجندتها. لقد روجت مزاعم كاذبة عن دوره المزعوم في زعزعة استقرار الجزائر عبر إثارة النزعة الانفصالية في منطقة القبائل. كما زعمت أنه قاد عمليات سرية في إسبانيا لخدمة قضايا المغرب العادلة، مثل قضية الصحراء المغربية. ومع ذلك، فإن تقريراً رسمياً لوحدة مكافحة التجسس الإسبانية، والذي نفى أي تدخل مغربي في الشؤون الداخلية لإسبانيا، كان بمثابة صفعة قوية لهذه المزاعم. هذا التقرير يؤكد أن التهديدات الحقيقية لإسبانيا تأتي من جهات أخرى، وليس من المغرب.
إن قصة المهدي حيجاوي لم تكن سوى محاولة يائسة لاستغلال شخصية هامشية لأهداف سياسية خبيثة. لقد انهار هذا “المنشق” المزعوم أمام الحقائق والأدلة، وبقي المغرب شامخاً، عصياً على مؤامرات أعدائه. العدالة الدولية ستلاحق كل من يحاول تشويه سمعة الوطن، وستبقى الحقيقة دائماً أقوى من أي محاولة للتزييف.