مركز إيطالي يتمسخر من “غباء الجزائر الجيوسياسي” بعد إغلاق أنبوب الغاز المغاربي

4 أغسطس 2025
مركز إيطالي يتمسخر من “غباء الجزائر الجيوسياسي” بعد إغلاق أنبوب الغاز المغاربي

وجّه مركز التفكير الإيطالي “ECCO” انتقادات لاذعة للسياسة الطاقية الجزائرية، واصفاً قرار إغلاق أنبوب الغاز المغاربي–الأوروبي بـ”الخطأ الفادح” الذي يعكس “سوء تقدير استراتيجي”، وأدى إلى خسائر اقتصادية وجيوسياسية جسيمة للجزائر، التي أغلقت الأنبوب بشكل أحادي سنة 2021 بعد توتر علاقاتها مع المغرب.

واعتبر المركز، في تقرير تحليلي شديد اللهجة، أن الخطوة التي اتخذتها الجزائر بدوافع سياسية ضيقة، دون أي خرق للعقد أو مسوغ اقتصادي واضح، كانت نكسة حقيقية لمسار التكامل الطاقي الإقليمي، وألحقت ضرراً بالغاً بقدرة الجزائر على تصدير الغاز بمرونة نحو أوروبا، خاصة بعد خفض إسبانيا لوارداتها إلى النصف بين 2015 و2022.

وأوضح التقرير أن هذا القرار السياسي “غير الناضج”، أضر بصورة الجزائر كمورد موثوق للطاقة، في وقت حرج كانت فيه أوروبا تبحث عن بدائل للغاز الروسي إثر اندلاع الحرب في أوكرانيا، مشيراً إلى أن الجزائر فشلت في استغلال الظرف الدولي لصالحها، على عكس دول منافسة عززت مكانتها في السوق الأوروبية.

وسجل مركز “ECCO” أن إيطاليا، رغم كونها أكبر زبون للغاز الجزائري، شهدت بدورها تراجعاً في الكميات المستوردة، متأثرة بتحولات السوق واتجاه الاتحاد الأوروبي نحو الطاقات المتجددة وتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وأشار التقرير إلى أن أزمة أنبوب الغاز تعكس أزمة أعمق في الرؤية الاستراتيجية للطاقة لدى النظام الجزائري، والتي تتسم بالارتجال والتردد وغياب خارطة طريق واضحة تُدمج الأمن الطاقي مع الاستقرار الاقتصادي والتحول الإيكولوجي.

ورغم امتلاك الجزائر لعاشر أكبر احتياطي غاز في العالم، فإنها، بحسب التقرير، تُعاني من بنية تحتية متقادمة، وبيئة تنظيمية وطاردة للاستثمارات، ما تسبب في انسحاب شركات طاقية كبرى، وأدى إلى تقلص الإنتاج، في وقت يتزايد فيه الاستهلاك الداخلي بوتيرة مقلقة، وصل معها الاستهلاك المحلي للغاز إلى 60 مليار متر مكعب سنة 2023.

وحذّر المركز من أن اعتماد الجزائر شبه الكامل على الغاز لإنتاج الكهرباء بنسبة تفوق 97 في المائة، مع استمرار الدعم السخي للمحروقات والكهرباء، يجعل نموذجها الطاقي هشاً وغير مستدام، خصوصاً أن الطاقة المتجددة لا تشكل سوى أقل من 3 في المائة من القدرة الإنتاجية المركبة، رغم الإمكانيات الشمسية الهائلة للبلاد.

وأضاف التقرير أن هذا الوضع يجعل الجزائر عُرضة لصدمات خارجية قوية، سواء من حيث الأسعار أو التحولات في الطلب العالمي، لاسيما في ظل تشبثها بسياسات دعم تثقل كاهل الميزانية وتعيق التحول نحو الطاقات النظيفة.

ولم يفت التقرير التأكيد على أن غياب الشفافية وتضارب الأولويات أضعفا قدرة الجزائر على استثمار موقعها الجغرافي ومواردها، ليبقى اقتصادها رهين تقلبات سوق المحروقات وعاجزاً عن خلق دينامية تنموية مستقلة.

وفي السياق نفسه، استحضر المركز تحذيرات صندوق النقد الدولي الأخيرة، التي أكدت هشاشة الاقتصاد الجزائري في ظل عجز مالي متزايد يُقدّر بـ13.9 في المائة من الناتج الداخلي الخام في 2024، نتيجة تراجع عائدات الغاز وارتفاع النفقات العمومية.

وختم التقرير بالتنبيه إلى أن الجزائر تقف اليوم على مفترق طرق حاسم، وأن استمرارها في ارتكاب “أخطاء استراتيجية قاتلة”، من قبيل إغلاق أنبوب الغاز المغاربي، قد يُفقدها موقعها كمُصدّر موثوق للطاقة ويعجّل بتآكل دورها الإقليمي والدولي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة