كلاش بريس /. صحف
علم من مصادر جد مطلعة، أن المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، رفقة مفتشية وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان، باتتا مطالبتين بضرورة التحرك وفتح تحقيق دقيق بخصوص شبهات التلاعب في ملفات طلبات رخص البناء، التي يتم إيداعها لدى الشباك الوحيد للتعمير بالجماعات الترابية، بحيث أكدت المصادر أن الرغبة في الحصول على رخص للسكن حديثة، بهدف الاستفادة من الدعم الحكومي المباشر عن السكن، دفعت بمجموعة من المقاولين والخواص إلى وضع طلبات الحصول على رخص بناء لبنايات قائمة أنجزها أصحابها، قبل سنة 2023.
وبحسب المصادر، فإن «المتلاعبين» في إنجاز هاته الملفات يلجؤون إلى ثلاث حيل للحصول على رخص سكن حديثة لبنايات قائمة، حيث تأتي في مقدمة ذلك حيلة التقدم بطلب الحصول على رخصة تسوية وضعية البنايات غير القانونية، بعدما يجري بشكل متعمد إخفاء تصميم البناية المؤشر عليه من طرف المصالح الجماعية، والادعاء بعدم توفر البناية القائمة على رخصة البناء ورخصة تسليم السكن، إذ تقوم رخصة التسوية مقام رخصة السكن، وهي الطريقة التي تم اعتمادها من طرف لوبيات العقار إلى حدود 11 ماي 2025.
وأمام انتهاء أجل معالجة طلبات تسوية البنايات القائمة، لجأت لوبيات العقار، من المقاولين والخواص، إلى حيلة طلب رخصة الهدم وإعادة البناء، لفائدة مبان تم تشييدها حديثا، يتوفر مالكوها على رخصة تسليم سكن تعود إلى ما قبل سنة 2023، حيث يتم وضع الطلبات بالمنصة الرقمية لرخص التعمير، من أجل الحصول على الترخيص بالبناء، دون أن يعمل صاحب الطلب على هدم البناية، وانتظار فترة معينة للتقدم بطلب الحصول على رخصة سكن حديثة، تمكنه من بيع العقار، واستفادة المشتري من الدعم المباشر عن السكن بموجب شهادة السكن الحديثة.
وبالنسبة إلى الحيلة الثالثة، فقد أكدت مصادر “. الأخبار ‘ أن سماسرة العقار يعمدون إلى طلب رخصة البناء على أساس أن الأمر يتعلق بقطعة أرضية عارية، بينما حقيقة الأمر عكس ذلك، وأن الواقع يؤكد وجود بناية مشيدة، ومن ثم الحصول على رخصة بناء ورخصة سكن بتاريخ حديث. وهي الظاهرة التي تنامت بشكل كبير على صعيد كافة الجماعات الترابية، حيث تشير أصابع الاتهام إلى تواطؤ ثلاثي مكون من مصالح التعمير بالعمالات وبالجماعات الترابية وبالوكالات الحضرية، لأن المفروض القيام بمعاينة ميدانية لورش البناء، بالنسبة لطلبات رخص البناء، وبالنسبة أيضا لطلبات التسوية، ولطلبات الهدم وإعادة البناء، والاعتماد على الصور الملتقطة من طرف السلطات الإقليمية لوضعية المباني بالنفوذ الترابي لكل جماعة ترابية، أو على الأقل الاعتماد على تطبيق «غوغل»، لمعرفة وضعية القطعة الأرضية موضوع طلب ترخيص البناء.
وبحسب معطيات حصلت عليها «الأخبار»، على مستوى عمالة إقليم سيدي قاسم، على سبيل المثال لا الحصر، فقد أضحت السلطات الإقليمية بالعمالة مطالبة بالتدقيق في كافة المعطيات الواردة بالملفات المتعلقة بطلبات رخص البناء، وطلبات التسوية، ومطالبة الهيئة الجهوية للمهندسين المعماريين بالانخراط في عملية الافتحاص والتدقيق، فضلا عن ضرورة مراسلة كل من العمالة والجماعة والوكالة الحضرية للهيئة المذكورة، بشأن أي خروقات قد يتم رصدها، خاصة أن المهندس المعماري يتحمل مسؤولية تتبع واحترام مقتضيات تراخيص التعمير، بما في ذلك تراخيص البناء ورخص السكن ورخص التسوية. إضافة إلى مساءلة رؤساء الجماعات الترابية ونوابهم المستفيدين من التفويض في المهام أو التوقيع، عن كافة الملفات التي تم التأشير عليها، والتي قد تكون شابتها الخروقات المشار إليها.
ومن ضمن الأمثلة التي رصدتها «الأخبار»، على مستوى جماعة سيدي قاسم، على سبيل المثال، والتي تستدعي افتحاصا من طرف أجهزة الرقابة على الصعيد المركزي، ملف بقعة سكنية تقع بتجزئة وليلي، تم بناؤها قبل مارس 2017، هي عبارة عن منزل سكني يتألف من (طابق سفلي + طابق أول)، تم بناؤها في وقت سابق خارج الضوابط القانونية، وتم وضع طلب جديد بشأنها للحصول على رخصة البناء على منصة رخص من طرف المهندس المعماري، بتاريخ 03 يوليوز 2025، وهي رخصة البناء التي تم التأشير عليها، بعدما نالت موافقة لجنة الشباك الوحيد للتعمير، من طرف نائبة رئيس المجلس الجماعي المكلفة بالتعمير بتاريخ 14 يوليوز 2025، علما أن عملية الشروع في تسوية بناية قائمة كان من المفروض أن تدرج ضمن الفترة الزمنية التي حددها مرسوم قانون التسوية الثاني، الذي حددت له مدة زمنية بين 11 ماي 2023 إلى غاية 11 ماي 2025. إضافة إلى ملف رخصة بناء مسلمة بشأن بناية تتكون من (طابق سفلي وطابقين)، بتجزئة جوهرة، بتاريخ 12 يونيو 2025، علما أن هذا المنزل تم تشييده شهر يناير من سنة 2005، ورخصة بناء مسلمة بتاريخ 20 مارس 2025، لبناء مسكن متكون من (طابق سفلي مع طابق أول) بتجزئة الياسمين، علما أن الفارق الزمني بين الحصول على «رخصة البناء» و«رخصة السكن»، بالنسبة إلى مجموعة من الحالات، لا يتجاوز في بعض الأحيان 12 يوما، وهي مدة ليست كافية على الإطلاق لإتمام أشغال بناء منزل من طابقين، ما يؤكد فرضية الرغبة فقط في الحصول على «رخصة السكن» التي تخول لصاحب العقار، أو للمقاول الراغب في اقتناء المسكن، أن يدرجه ضمن المنازل أو الشقق التي يشملها برنامج الدعم المباشر عن السكن، الذي تصل قيمته إلى 10 ملايين سنتيم بالنسبة لكل عملية بيع مستقلة، وهي العملية التي جعلت عددا من المقاولين يتوجهون نحو البحث عن اقتناء هذه المساكن وتصحيح وضعيتها القانونية، علما أن جل طلبات الرخص التي تم استصدارها في هذا الشأن يعهد بها إلى مهندسين معماريين اثنين.