غياب 333 نائباً عن جلسة حاسمة يُعيد مطلب الاقتطاع إلى الواجهة

23 يوليو 2025
غياب 333 نائباً عن جلسة حاسمة يُعيد مطلب الاقتطاع إلى الواجهة

كلاش بريس /. الرباط

أثار غياب جماعي لنواب الأمة عن جلسة التصويت على مشروع قانون يعد من أبرز مشاريع الدورة التشريعية الحالية موجة من الاستياء داخل قبة البرلمان وخارجها. الجلسة التي عُقدت يوم الإثنين خصصت للمصادقة في قراءة ثانية على مشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، عرفت حضوراً باهتاً لم يتجاوز 62 نائباً من أصل 395، حيث وافق 47 نائباً على المشروع، وعارضه 15، في حين غاب عنه 333 نائباً، أي ما يمثل حوالي 85% من أعضاء مجلس النواب.

هذه النسبة الصادمة تطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى جدية والتزام من يُفترض أنهم يمثلون الشعب، ويُفترض أن يحضروا لمناقشة والتصويت على قوانين تؤثر في حياة المواطنين، خاصة أن الأمر يتعلق بقانون حساس يلامس منظومة العدالة الجنائية برمتها. ما وقع لا يمكن تبريره بأي عذر، ولا يجب أن يمر مرور الكرام، لأن الغياب عن أداء المهام التشريعية هو تقصير واضح في المسؤولية، واستهتار بالثقة التي منحها المواطنون لهؤلاء النواب.

الأدهى من ذلك أن المتغيبين يستمرون في تقاضي تعويضاتهم الشهرية بشكل عادي، وكأنهم يؤدون واجبهم على أكمل وجه. وهو ما يجعل من المطالبة باقتطاع جزء من تلك التعويضات، بل وربما تجميدها في حالة التكرار، أمراً ملحاً لا يقبل التأجيل. لا يُعقل أن يغيب نائب عن جلسات تشريعية حاسمة، ثم يتقاضى تعويضاً مقابل “المهام”، وهو لم يؤدّ أي مهمة.

إن منطق المحاسبة يقتضي ربط الحضور بالتعويض، فلا مجال للتساهل مع نواب يعتبرون البرلمان مجرد محطة عبور أو منصب شرفي، بينما هو مؤسسة دستورية تستمد مشروعيتها من الشعب، ومن صوته، ومن ثقته. لا يكفي أن تُقرأ أسماء المتغيبين، فهذا مجرد شكل من أشكال التبرير العقيم، بل يجب أن يُترجم الغياب إلى اقتطاعات فعلية يشعر بها النائب في حسابه البنكي، تماماً كما يشعر بها المواطن عندما يُخصم من أجرته بسبب غيابه عن عمله.

الحديث عن الغياب البرلماني لم يعد جديداً، لكن ما يزيد من خطورته هو أنه أصبح عادة متكررة بلا عواقب، وبلا محاسبة. وهو ما يُفقد العمل البرلماني هيبته، ويُضعف ثقة المواطن في مؤسسات بلاده. لذلك، فإن الوقت قد حان لاتخاذ إجراءات عملية وصارمة، تبدأ بالاقتطاع، ولا تنتهي عند نشر لوائح المتغيبين، بل تصل إلى مراجعة منطق التمثيل ذاته، وربما تعديل النظام الداخلي للمجلس ليكون أكثر صرامة مع المتهربين من أداء واجبهم الوطني.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة