“دار للبيع'”.. أولاد عياد تحتضر والمجلس غائب!

10 يوليو 2025
“دار للبيع'”.. أولاد عياد تحتضر والمجلس غائب!

كلاش بريس / أولاد عياد

دار للبيع”… عبارة باتت تُختزل في جملة واحدة، لكنها تختزن خلفها قصة مريرة لمدينة تموت ببطء، وساكنة تُصارع العطش واليأس والبطالة. في أولاد عياد، لم تعد هذه العبارة نادرة أو مستفزة، بل تحولت إلى مشهد مألوف في أزقة المدينة وأحيائها. فموجة عرض المنازل للبيع في الآونة الأخيرة تعكس حجم الأزمة التي تعيشها المدينة، وتعري واقعًا اجتماعيًا واقتصاديًا مريرًا.

حسب ما أفاد به عدد من الساكنة، فإن ما يدفعهم للتخلي عن بيوتهم ومغادرة المنطقة، هو “الموت البطيء” الذي تعيشه أولاد عياد: أزمة خانقة في الماء الصالح للشرب، غياب أبسط شروط العيش الكريم، ركود اقتصادي خانق، ومجلس جماعي غائب تمامًا عن نبض المدينة وهموم المواطنين.

المدينة التي كانت يومًا ما تعج بالحركة والحياة، تحوّلت إلى ما يشبه “دوارًا كبيرًا” بلا روح، بلا مشاريع، بلا أفق. الوضع مأساوي، ولا مؤشرات في الأفق توحي بتحسنه. المواطنون يتحدثون بمرارة عن عطالة مزمنة، عن شباب تائه، عن نساء يحملن الدلاء كل صباح بحثًا عن نقطة ماء، وعن دكاكين تغلق أبوابها الواحدة تلو الأخرى.

ورغم هذا الواقع الكارثي، فإن المجلس الجماعي لأوّلاد عياد اختار الصمت، بل التواري عن الأنظار. لا وجود لمشاريع تنموية، لا رؤية استراتيجية، لا تواصل مع الساكنة، ولا حتى محاولات بسيطة لتبرير هذا الغياب. وكأن المجلس لا يسير شؤون هذه المدينة ولا تهمه أوضاع أبنائها.

وما يزيد الطين بلة، أن كل مقاربة صحفية تحاول تسليط الضوء على هذا الواقع المزري، تُواجَه بتهم التخوين والتشكيك في النوايا، في محاولة بئيسة لقمع الأصوات الحرة وتكميم الأفواه. وهذا أمر مرفوض أخلاقيًا ومهنيًا. فالصحافة، حين تنقل صوت الساكنة، لا تمارس التحريض ولا الشعبوية، بل تقوم بدورها الطبيعي في كشف الخلل وطرح الأسئلة التي تؤرق المواطنين.

إن ما يحدث في أولاد عياد ليس فقط أزمة خدمات، بل أزمة حوكمة ومسؤولية. فحين تصل الأمور إلى أن يفر المواطن من مدينته بحثًا عن الحد الأدنى من الكرامة، فإن السؤال لا يُوجّه إلى المواطن، بل إلى من يملك سلطة التدبير: المجلس الجماعي، الغائب الحاضر، والذي يتحمل كامل المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع.

أولاد عياد اليوم لا تحتاج إلى وعود انتخابية جديدة، ولا إلى مساحيق تجميل بلاغية، بل إلى تدخل عاجل، وإرادة سياسية حقيقية، ومساءلة للمسؤولين عن هذا الانهيار الشامل. فبيع البيوت ليس ظاهرة عابرة، بل صرخة جماعية عنوانها: “لقد تعبنا… نبحث عن الحياة خارج هذه المدينة المنكوبة.”

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة