سطات : ربيعة زهوان
رغم موقعها الاستراتيجي بين قطبين اقتصاديين كبيرين، لا تزال مدينة سطات خارج خريطة التنمية الحقيقية. مشهد عمراني باهت، بنية تحتية هشة، وغياب صارخ للفضاءات العمومية التي تحفظ للساكنة كرامتها الحضرية. مدينة تبدو وكأنها لم تواكب الزمن، بل اختارت أن تبقى متأخرة، خارج سياق التحديث، وخارج كل دينامية جهوية.
ما يثير الاستغراب أن الزائر لسطات، سواء لأول مرة أو بعد سنوات، لا يجد فرقًا يُذكر. نفس الملامح، نفس الاختناق، نفس الإهمال. شارع رئيسي واحد بطلاء مستهلك، يوحي بواجهة تجميلية لا تخفي بؤس باقي المدينة. وخلف هذا الشارع، تنتشر أحياء تئن تحت وطأة الفوضى العمرانية وغياب التخطيط، وكأن لا أحد يجرؤ على طرح السؤال الحقيقي: لماذا توقفت سطات؟
الجواب يحمل أكثر من طرف مسؤول، لكن لا يمكن القفز على دور المنتخبين المحليين، سواء في المجلس الجماعي أو في البرلمان. فشلٌ في جلب المشاريع، عجز في الدفاع عن مصالح المدينة، وارتباك في رسم أي رؤية واضحة للمستقبل. سنوات تمضي دون أثر ملموس، فيما تستمر نفس الوجوه في تدوير المناصب، بنفس الأساليب، بنفس النتائج.
من المؤسف أن مدينة بحجم سطات، لم تستطع خلق بيئة حضرية محفزة وعليه يطرح السؤال ….من كان السبب في توافر فضاءات عامة متدهورة، والنقل الحضري شبه غائب، والأنشطة الثقافية نادرة إلى حد التلاشي؟ ما قيمة المدينة إن لم توفر لمواطنيها الحد الأدنى من ظروف العيش اللائق؟
المسؤولية لا تتوقف عند المنتخبين فقط، بل تمتد إلى السلطة المحلية والإدارات الترابية التي يُفترض أن تراقب وتوجه وتقوّم. كما أن الساكنة، وهي تتحمل تبعات هذا الوضع، مدعوة إلى مراجعة اختياراتها الانتخابية، والقطع مع ثقافة التواطؤ والصمت. استمرار نفس النخب العاجزة في تسيير الشأن المحلي لن يؤدي سوى إلى مزيد من الركود والخيبة.
ما يحدث في سطات ليس تفصيلاً، بل نموذج مصغر لفشل السياسات العمومية حين تغيب الإرادة، وتُختزل التنمية في الشعارات. مدينة سطات اليوم لا تحتاج إلى تزويق أو إنعاش موسمي، بل إلى إصلاح جذري يضع الإنسان في صلب الاهتمام، ويستعيد ما تبقى من ثقة المواطنين.