كلاش بريس /. الرباط
بعد القرار الملكي القاضي بإلغاء عيد الأضحى لهذه السنة، والذي جاء استجابة لظروف اقتصادية صعبة يعيشها المغرب، كان من المتوقع أن يُقابل هذا القرار بمستوى عالٍ من الوعي والمسؤولية من طرف المواطنين، وخاصة من قبل الفاعلين في قطاع اللحوم. غير أن الواقع كشف عن سلوكيات مناقضة تمامًا لهذا التوقع، حيث سجلنا ارتفاعًا مفاجئًا في أسعار اللحوم ومشتقاتها، وعلى رأسها “الدوارة”، التي وصلت إلى مستويات قياسية دون مبرر موضوعي.
بدلًا من أن تتحول هذه اللحظة إلى مناسبة للتضامن وتخفيف العبء عن المواطن البسيط، استغلها بعض التجار والجزارين كفرصة للربح السريع، وهو ما يعكس خللًا عميقًا في ثقافة التعامل مع الأزمات. هذا السلوك لا يمكن تحميل مسؤوليته الكاملة للدولة أو للسياسات الاقتصادية فقط، بل يطرح إشكالًا حقيقيًا حول مدى التزامنا كمجتمع بقيم المواطنة والتضامن.
المؤسف أن هذا النوع من التصرفات لم يلقَ رد فعل حازمًا من المواطن العادي، الذي رغم التذمر من الغلاء، لا يزال يتفاعل مع الواقع بقبول واستسلام، مما يشجع على استمرار هذه الممارسات. غياب ثقافة المقاطعة، وضعف حس الرقابة الاجتماعية، وغياب وعي جماعي منظم، كلها عوامل تساهم في ترسيخ منطق الاستغلال بدل التعاون، وتحويل كل ظرف استثنائي إلى موسم إضافي للربح على حساب الفئات الضعيفة.
وهنا يُطرح أكثر من سؤال: هل يعقل أن تُلغى شعيرة كبرى بحجم عيد الأضحى حفاظًا على التوازن الاجتماعي، لنجد أنفسنا أمام موجة غلاء أشد من تلك التي كنا نخشاها؟ أين اختفى الشعور بالمسؤولية لدى بعض الفئات؟ وأين موقف المواطن من هذه السلوكات؟ لماذا نتقبل الاستغلال في صمت؟ وألا نتحمل نحن أيضًا، كمجتمع، جزءًا من مسؤولية ما يحدث؟