كلاش بريس
أفاد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بأنه رغم التقدم المحرز، لا يزال هناك عدد من الإكراهات التي تعيق تطوير منظومة وطنية فعالة وقادرة على تحويل البحث العلمي إلى ابتكار من شأنه خلق القيمة القادرة على الارتقاء بمستوى الاقتصاد والتنمية ببلادنا.
وأشار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في الرأي الاستشاري الذي أعده بطلب من مجلس المستشارين، تحت عنوان “مساهمة البحث العلمي في الابتكار وتطوير وتقوية القدرات التنافسية للاقتصاد
الوطني-استعجالية وضع استراتيجية وطنية منسقة ومندمجة“، إلى أن هذه الإكراهات تشمل ضعفا هيكليا في تمويل البحث العلمي، فحسب آخر المعطيات المتوفرة (2016)، بلغ الإنفاق الداخلي الإجمالي على البحث العلمي والتطوير 0.75 في المائة من الناتج الداخلي الاجمالي، وظل تقريباً دون تغيير وفقاً لما أشار إليه الفاعلون والأطراف المعنية الذين تم الإنصات إليهم.
ونبه الرأي ذاته، إلى أن هذا الإنفاق يظل دون المستوى المطلوب ويعتبر أقل بكثير من المتوسط العالمي (2,68 في المائة) والأوروبي (2,24 في المائة)، كما أن تمويل منظومة البحث يستند بالأساس إلى الموارد العمومية، في حين لا تتجاوز مساهمة القطاع الخاص 30 في المائة.
وانتقد المجلس عدم استكمال الإطار المؤسساتي والقانوني المتعلق بالبحث والابتكار، مشيرا إلى أنه لم يتم بعد تفعيل مقتضيات أساسية نص عليها القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، من قبيل تخويل الجامعات إمكانية إحداث شركات تابعة لها كبنيات لتثمين البحث العلمي.
كما نبه إلى محدودية آليات النهوض بالشراكة في مجال البحث والابتكار المقاولاتي، سواء على مستوى التمويل المشترك بين الجامعات والمقاولات، أو على مستوى الآليات الجبائية التحفيزية الخاصة بهذا المجال.
وعلاوة على ذلك، كشف رأي المجلس أن حصيلة آليات دعم الابتكار، ولا سيما تلك الموجهة إلى المقاولات الناشئة والأقطاب التكنولوجية، لا تزال دون النتائج المنشودة، خاصة فيما يتعلق بتثمين التكنولوجيا، والابتكار المحمي ببراءات اختراع، ودعم بروز مقاولات مبتكرة.
كما أشار إلى التنسيق غير المتكافئ بين الفاعلين العموميين والأكاديميين والقطاع الخاص، إذ لا يزال المجلس الوطني للبحث العلمي، الذي تم إحداثه سنة 2021، غير قادر على الاضطلاع على الوجه الأمثل بدور القيادة الاستراتيجية المنوط به، بسبب غياب استراتيجية وطنية موحدة، ومحدودية الاختصاصات الموكولة إليه بموجب الإطار القانوني الجاري به العمل.
ومن جهة أخرى، كشف المصدر ذاته، أن التعاون بين منظومة البحث العلمي والقطاع الصناعي لا يزال محدودًا وظرفيا ومتسما بطابعه المجزأ، مبينا أنه على الرغم من المبادرات الواعدة المنجزة في بعض القطاعات الاستراتيجية مثل الصناعات الصيدلية، والتكنولوجيا الرقمية، والصناعات الغذائية، والطاقات المتجددة، والطائرات المُسَيَّرَة، فإنها تظل معزولة، وبالتالي غير كافية لبناء منظومة وطنية للابتكار تكون فعالة وقادرة على إحداث تحول هيكلي.
وفي هذا الصدد، شدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على استعجالية بلورة وتنفيذ استراتيجية وطنية للبحث العلمي والتطوير والابتكار، تتسم بالتجانس والاندماجية، وتتماشى مع أولويات بلادنا.

















