جيل Z.. بين الحقيقة ومحاولات التضليل

30 سبتمبر 2025
جيل Z.. بين الحقيقة ومحاولات التضليل

بقلم : فاطنة افيد

خلال الأسابيع الأخيرة، تعالت أصوات في الإعلام الرسمي وشبه الرسمي تُحاول إلصاق حركة جيل Z الشبابية بمعاداة الأحزاب السياسية. ويُراد من وراء هذا الخطاب إقناع الرأي العام بأن هذه الدينامية الجديدة هي مجرد موجة “غاضبة” بلا أفق سياسي، وأنها خرجت لتعلن القطيعة مع كل تعبير حزبي. والحقيقة أن هذا الطرح ليس بريئاً، بل هو جزء من استراتيجية قديمة جديدة تهدف إلى شيطنة العمل الحزبي الجاد، وتجريد الشباب من أي أفق تنظيمي أو سياسي يمكن أن يؤطر نضالهم.
1. خلفية الأزمة: الدولة هي من صنعت العزوف
من الضروري أن نذكّر بأن الأزمة الحالية ليست وليدة الأمس، بل هي نتيجة سياسات رسمية امتدت لعقود:
تفكيك المدرسة العمومية وتحويل التعليم إلى سلعة، مما حرم الشباب من الحق في تعليم جيد ومجاني.
تخريب المنظومة الصحية وترك المواطنين تحت رحمة المصحات الخاصة.
تعميق البطالة وغياب بدائل اقتصادية كريمة.
تسليع الفضاء العام وإقصاء الشباب من المشاركة في القرار.
هذه السياسات هي التي صنعت حالة اليأس، وهي التي دفعت أجيالاً كاملة إلى فقدان الثقة في المؤسسات.
2. الدولة من أضعفت الأحزاب
عندما نتحدث عن تراجع صورة الأحزاب السياسية، يجب أن نكون واضحين: الدولة هي من صنعت “أحزاباً إدارية” تابعة لها، وفتحت لها الأبواب لتحتكر المشهد، بينما همّشت الأحزاب الحقيقية المناضلة. النتيجة: ربطت الجماهير صورة الحزب السياسي بالفساد والانتهازية، وجرى تدمير الثقة في العمل الحزبي المنظم.
إذن، تحميل المسؤولية للأحزاب (بالمطلق) ليس سوى مؤامرة لتبرئة الدولة من فشلها في بناء ديمقراطية حقيقية.
3 جيل Z لم يخرج ضد الأحزاب بل ضد السياسات
حركة جيل Z، سواء في المغرب أو في مناطق أخرى من العالم، ليست حركة معادية للأحزاب، بل هي قبل كل شيء حركة ضد السياسات الرسمية التي سلبت الشباب حقهم في الصحة والتعليم والشغل والعيش الكريم.
شعارات الشباب واضحة: العدالة الاجتماعية، الكرامة، الحرية. وهذه المطالب ليست غريبة عن تاريخ النضال اليساري في بلادنا، بل هي امتداد له.
4 اليسار المناضل في قلب الحراك
على عكس ما يروّج له الإعلام الموجه، الأحزاب اليسارية الحقيقية ليست غائبة عن الحراك،وعلى راسها حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي من امينه العام الى كل مناضلي القاعدة. بل منخرطة فيه بكل مستوياتها: من المكتب السياسي إلى الفروع المحلية، ومن القيادات إلى الشباب المناضل. نحن لم نتوقف يوماً عن النضال، سواء في البرلمان أو في الشارع أو عبر المبادرات الاجتماعية والنقابية. وجودنا في الحراك ليس وصاية على الشباب، بل هو التزام تاريخي إلى جانبهم، لأن معركتهم هي معركتنا.
الخلاصة
محاولات شيطنة الأحزاب واتهام جيل Z بالعداء لها ليست سوى محاولة جديدة لإخفاء المسؤولية الحقيقية: مسؤولية الدولة وحكومتها في تدمير شروط العيش الكريم للشباب.
جيل Z ليس عدواً للأحزاب، بل شريكاً موضوعياً لكل القوى المناضلة الصادقة. ما يجمعنا هو نفس الحلم: مغرب العدالة والحرية والكرامة.

بقلم الاستاذة فاطنة افيد مناضلة يسارية ونقابية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة