كلاش بريس / الرباط
:
في السياسة، لا شيء يُترك للصدفة، خصوصًا حين يتعلق الأمر بقرارات صادرة في خطاب ملكي، وبالأخص حين يكون موضوعها الانتخابات التشريعية، بوصفها لحظة مفصلية في الحياة السياسية والدستورية للبلاد.
خطاب العرش الأخير لم يكن عاديا. من بين ما تضمنه، تكليف واضح ومباشر لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت بالإشراف على تحضير الانتخابات التشريعية لسنة 2026، دون أي إشارة أو ذكر لرئيس الحكومة الحالي، عزيز أخنوش، رغم أن هذا الأخير يترأس حكومة منبثقة عن صناديق الاقتراع، وكان من المفترض، كما جرى في ولايات سابقة، أن يلعب دورا سياسيا مباشرا في هذا الإعداد.
الذاكرة السياسية القريبة تحفظ لنا أن بنكيران، والعثماني من بعده، هما من ترأسا اللقاءات الأولى للتحضير للانتخابات خلال فترات رئاستهما للحكومة. كان ذلك بمثابة إعلان سياسي عن انخراط الحكومة في تهييء الشروط السياسية والقانونية للاستحقاقات المقبلة. أما اليوم، فتم حجب رئيس الحكومة عن هذا الدور، أو على الأقل تم تجاوزه.
هل يتعلق الأمر بتغيير منهجي في تدبير الشأن الانتخابي أم بإعادة ترتيب أوراق المشهد السياسي استعدادا لمرحلة جديدة؟ هل نحن بصدد مؤشر على بداية أفول نجم عزيز أخنوش؟ أم أن المسألة تقنية بحتة ولا يجب تحميلها أكثر مما تحتمل؟
الإشراف على التحضير للانتخابات هو رسالة في حد ذاته، وأحيانا قد تُفهم الإشارات السياسية قبل أن تُقال بصريح العبارة. فحين يُستبعد رئيس الحكومة من قلب هذه المرحلة التحضيرية، وتُسند المهمة مباشرة إلى وزارة الداخلية، فإن ذلك قد يعني أن مركز الثقل في القرار الانتخابي لم يعد في يد من منحه الدستور صلاحية التعيين والتدبير.
من السابق لأوانه الجزم بمصير الرجل القوي لحزب التجمع الوطني للأحرار، لكن في السياسة – كما في الشطرنج – مجرد تحريك قطعة واحدة في غير وقتها قد يُعلن بداية نهاية اللعبة.
ويعرف ان وزير الداخلية، عقد اليوم السبت، اجتماعين متتاليين مع قادة كافة الأحزاب السياسية، خُصصا للتحضير للانتخابات التشريعية المتعلقة بانتخاب أعضاء مجلس النواب لسنة 2026.
وتندرج هذه الاجتماعات، وفق بلاغ لوزارة الداخلية، في إطار التنفيذ الفوري للتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز المنصرم، والتي أعلن فيها الملك محمد السادس عن إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في موعدها الدستوري والقانوني العادي، مؤكدًا على ضرورة توفير المنظومة العامة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب، وأن تكون معتمدة ومعروفة قبل نهاية السنة الحالية، وكذا تكليف وزير الداخلية بالسهر على التنظيم الجيد لهذه الانتخابات، وفتح باب المشاورات السياسية مع مختلف الفاعلين
ألبرت إنشتاين يقول : ( الغباء هو أن تفعل نفس الشيئ، وتتبع نفس الأسلوب وتنتظر نتائج مغايرة )
فنفس الوجوه ونفس الدكاكين ونفس الخطاب ونفس الوعود ونفس السيناريو … فماذا ننتظر ؟؟
الدولة وصلت بنفس الدكاكين وصلت لحالة إفلاس