كلاش بريس /. ع عياش
قرار مايسة سلامة الناجي مغادرة حزب التقدم والاشتراكية يمكن اعتباره خطوة تنظيمية عادية و حدثً سياسيً صغيرً على اعتبار أن . الناشطة التي اكتسبت مكانتها من خلال خطاب نقدي حادّ وغير تقليدي، اختارت أن تترشح مستقلة، معلنة بوضوح أنها تفضل أن تخوض تجربتها الانتخابية خارج عباءة “الكتاب” الذي انتمت إليه لفترة قصيرة،
قد يبدو للوهلة الأولى أن قرار الانسحاب خسارة للحزب، لكونه فقد صوتًا مؤثرًا في الفضاء العام، إلا أن قراءة أعمق تظهر أن الرابح الحقيقي في هذه المعادلة هو الأمين العام نبيل بنعبد الله، الذي تخلّص بهدوء من احتمال تحوّل العلاقة مع مايسة إلى عبء سياسي وإعلامي غير متحكم فيه. فخطاب مايسة غير قابل للضبط، وطبيعة حضورها الرقمي تتجاوز منطق التنظيمات التقليدية. وهي، حتى لو لم تمثل الحزب في البرلمان، كانت قادرة على بعثرة أوراقه وتوجيه الأنظار نحوها في كل لحظة جدل.
بنعبد الله، بخبرته الطويلة في تسيير توازنات الحزب، يعرف جيدًا أن الحزب اليساري الذي يسعى لإعادة ترتيب أوراقه استعدادًا للاستحقاقات المقبلة، لا يحتمل مزيدًا من “الضوضاء الإعلامي” غير المحسوب. لذلك، فإن خروج مايسة يشكّل من زاوية أخرى نوعًا من الوقاية المسبقة من “الصداع السياسي”، الذي قد يربك خط الحزب ويحجب النقاشات الأساسية التي يسعى إلى خوضها في قضايا التنمية والديمقراطية.
أما بالنسبة لمايسة، فالخطوة تُحسب لها من حيث الجرأة على خوض الانتخابات دون سند حزبي، في مدينة معقدة انتخابيًا كالعاصمة الرباط. فهي تراهن على رصيدها الشخصي، وعلى قدرتها على تحويل المتابعة الرقمية إلى دعم ميداني. قد لا يكون ذلك سهلاً، لكن التجربة ستمنحها بلا شك مقياسًا واقعيًا لحجم تأثيرها خارج العالم الافتراضي، وستكشف لها موقعها الحقيقي في المعادلة السياسية.
بين الانضباط الحزبي والحرية الفردية، اختارت مايسة الخيار الثاني، مدركة أن السياسة في المغرب اليوم لم تعد فقط أرقامًا ومقاعد، بل أيضًا رموزًا وصورًا ونفوذًا رقميًا. أما حزب التقدم والاشتراكية، فقد ربح ـ ولو مؤقتًا ـ لحظة هدوء تنظيمي، وجنّب نفسه صدامًا كان سيستهلك من رصيده أكثر مما سيضيف إليه.

















