من “لمجرد” إلى “حكيمي” .. تهم إغتصاب أم فخ للمشاهير غير الفرنسيين؟

2 أغسطس 2025
من “لمجرد” إلى “حكيمي” .. تهم إغتصاب أم فخ للمشاهير غير الفرنسيين؟

كلاش بريس / الرباط

في السنوات الأخيرة، تكررت بشكل لافت في فرنسا قضايا التحرش الجنسي والاغتصاب التي يُتهم فيها مشاهير من أصول غير فرنسية، خاصة من العالمين العربي والإسلامي، في سياق يثير الكثير من التساؤلات حول التوقيت والدوافع والعدالة.

فكلما بزغ نجم فنان أو مفكر أو رياضي غير فرنسي، إلا وبرزت إلى السطح قضايا أخلاقية تلاحقه، ليجد نفسه في قلب عاصفة إعلامية وقضائية تنتهي في الغالب بتشويه سمعته، وتجميد مسيرته، وأحيانًا سجنه. وقد شكلت قضية الفنان المغربي سعد لمجرد واحدة من أبرز هذه النماذج، بعد أن اتُهم في فرنسا باغتصاب شابة داخل فندق في باريس سنة 2016، وهي القضية التي شهدت تأجيلات طويلة وتغطية إعلامية كثيفة، قبل أن يُدان سنة 2023 بالسجن ست سنوات. ورغم أن لمجرد كان يواجه قضايا سابقة سقطت بالتقادم أو بسبب تنازل المشتكيات، إلا أن هذه القضية حسمت مسارًا فنّيًا كان في أوجه.

في السياق نفسه، برزت قضية طارق رمضان، المفكر الإسلامي السويسري من أصول مصرية، الذي اتُهم في فرنسا من طرف عدة نساء بالاغتصاب بين سنتي 2010 و2016. اعتُقل رمضان في 2018 وقضى عدة أشهر رهن الاعتقال الاحتياطي، قبل أن يُفرج عنه بشروط صارمة. وبينما يواجه محاكمة مستمرة في فرنسا، تمت تبرئته في قضية منفصلة بسويسرا، ما أعاد النقاش حول خلفيات التهم التي وجهت إليه، خاصة أن الرجل كان دائم الانتقاد للسياسات الغربية تجاه المسلمين، واحتل موقعًا مرموقًا في الساحة الفكرية الأوروبية. قضية رمضان، كما قضية لمجرد، تكشف كيف تتحول ملفات الاغتصاب من شأن قضائي إلى ساحة حرب رمزية، يكون فيها الانتماء الثقافي والديني جزءًا من الخلفية التي تُبنى عليها الصورة العامة للمتهم.

ولم يكن مغني الراب الفرنسي من أصل جزائري Moha La Squale بمنأى عن هذه الموجة، حيث وُجهت إليه عدة شكايات من نساء سابقات تتعلق بسوء المعاملة والعنف، ما أدى إلى تراجع شعبيته ووقف عدد من أنشطته الفنية. وحتى حين لا تصل القضايا إلى ردهات المحاكم، كما هو حال مغني الراب المغربي ElGrandeToto، فإن مجرد تداول اسمه في سياق “الانحلال” أو “الانحراف”، خاصة في فرنسا، يؤدي إلى منعه من إحياء حفلات أو المشاركة في تظاهرات، في ظل تحكم صورة نمطية مسبقة ترتبط بالفنان المغاربي.

المثير في هذه القضايا ليس فقط تكرارها، بل الطريقة التي تُفتح بها، والتغطية الإعلامية المكثفة التي ترافقها، والضغط الجماهيري والسياسي الذي يُمارس في الخلفية. فغالبًا ما يتم تسريب المعطيات مبكرًا للصحافة، ويُصنع من الاتهام قصةً رأي عام، ويُجرّد المتهم من presumption of innocence، أي قرينة البراءة، لتُمارس عليه محاكمة مزدوجة: في الإعلام وفي القضاء. واللافت أيضًا أن معظم هذه التهم تطال شخصيات صاعدة في لحظات حاسمة من مسيرتها، كأن الهدف هو كبح صعودها، أو تذكيرها بأنها لن تنتمي بسهولة إلى النخبة الثقافية أو الفنية في فرنسا.

العدالة، دون شك، يجب أن تأخذ مجراها في أي قضية اغتصاب أو تحرش. لكن حين تتكرر نفس السيناريوهات ضد نفس الفئة وبنفس التغطية والانفعالات، يصبح من المشروع التساؤل: هل نحن أمام إنصاف ضحايا حقيقي؟ أم أمام استهداف مُمنهج لرموز قادمة من خلفيات ثقافية مغايرة؟ وهل فرنسا، التي ترفع شعار الحرية والمساواة، تُطبق مبادئها حين يتعلق الأمر بالعرب والمسلمين؟ هذه الأسئلة تبقى مفتوحة، ومع كل قضية جديدة، يصبح الجواب أكثر إلحاحًا.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة