كلاش بريس /. الرباط
في سابقة أثارت موجة من السخط والسخرية داخل الجزائر وخارجها، أقدمت السلطات على تنظيم ما سُمِّي بـ”قرعة الكبش”، وهي آلية تقوم على سحب عشوائي لأسماء عدد محدود من المواطنين لتمكينهم من اقتناء أضحية العيد، فيما يُقصى الآخرون بشكل رسمي من أداء هذه الشعيرة الدينية. هذا القرار، الذي اعتبره كثيرون تكريسًا لمنطق الإذلال بدلًا من قيم التكافل، يعكس عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، ويعرّي فشل النظام في توفير الحد الأدنى من الكرامة المعيشية للمواطن.
في ظل عجز الدولة عن ضبط أسعار الأضاحي أو تقديم دعم فعلي للفئات الهشة، جاءت هذه الآلية “الغريبة” لتجعل من عيد الأضحى مجرد يانصيب اجتماعي، لا يناله إلا “المحظوظون” الذين اختارتهم القرعة. وبهذا، لم تعد الأضحية سنة مؤكدة في وجدان الجزائري، بل حلمًا عشوائيًا يتحدد بالحظ، في بلد تُنفق فيه ميزانيات ضخمة على قطاعات غير إنتاجية، بينما يعجز المواطن عن تأمين حاجياته الدينية الأساسية.
وقد وُوجه القرار بانتقادات واسعة، وُصفت فيها “قرعة الكبش” بأنها تمس كرامة المواطن، وتحول مناسبة روحية إلى تجربة مريرة من التهميش والإقصاء، حيث يجد الفرد نفسه في موقع المتوسل، بدل أن يكون شريكًا في فرحة العيد.
وإذا كان من المفترض أن يكون دور الدولة هو صيانة كرامة الفرد وتكريس العدالة الاجتماعية، فإن هذه الخطوة لم تُسهم سوى في تعميق الفجوة بين السلطة والشعب، وتأكيد حالة الانفصال عن الواقع اليومي للجزائريين.
ورغم محاولات الجهات الرسمية تبرير القرار بكونه “تنظيميًا” و”عادلاً”، إلا أن جوهره يُظهر عجزًا بنيويًا عن الاستجابة لحاجيات المواطنين، ويفضح أزمة تتجاوز كونها ظرفية إلى كونها أزمة منظومة برمّتها.
إن “قرعة الكبش” لم تكن مجرد حل مؤقت، بل مرآة كاشفة لوضع اقتصادي مأزوم، ومثال صارخ على غياب رؤية اجتماعية عادلة تراعي كرامة الإنسان وروح الدين، في وقتٍ كانت فيه البلاد أحوج إلى سياسات دعم حقيقية وتضامن مؤسسي لا يُفرّط في الشعائر ولا يُهين أصحابها
