في الجزائر… الإضراب يقود إلى السجن والحوار ممنوع

10 يوليو 2025
في الجزائر… الإضراب يقود إلى السجن والحوار ممنوع

كلاش بريس / الرباط

في مشهد يعكس هشاشة المسار الديمقراطي في الجزائر، جاء توقيف النقابي لونيس سعيدي، الأمين العام للفيدرالية الوطنية لعمال السكك الحديدية، ليطرح أسئلة جدية حول واقع الحريات النقابية ومدى احترام الدولة لحق التعبير والتنظيم، وهو حق تضمنه حتى دساتير الأنظمة السلطوية على الورق.

سعيدي أُودع الحبس الاحتياطي يوم 5 يوليو، في يوم رمزي يحتفل فيه الجزائريون بذكرى الاستقلال، فقط لأنه وقّع إشعاراً بإضراب مفتوح كان من المقرر أن يبدأ يوم 7 من الشهر ذاته. الإضراب لم يكن سياسياً، بل يحمل مطالب اجتماعية ومهنية مشروعة، تتعلق بتأخر الزيادات في الأجور، وسوء ظروف العمل، وخرق القوانين المنظمة للعمل النقابي. لكن في الجزائر الرسمية، حتى المطالبة بتطبيق اتفاقات موقعة يُنظر إليها كتهديد “للنظام العام”.

رد المؤسسة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، التي وصفت الإضراب بغير الشرعي، لم يكن مفاجئاً، لكنه لا يُخفي جوهر المسألة: هل أصبحت النقابات ملزمة بالحصول على “ترخيص سياسي” قبل التعبير عن مطالب العمال؟ وهل صار الإضراب، وهو أحد أبرز أدوات الضغط الديمقراطي، جريمة تستوجب الحبس بدل الحوار؟

ما وقع يعكس منطقاً قديماً في الدولة الجزائرية، حيث تتحول المؤسسات إلى أدوات قمع لكل صوت مستقل، وحيث يُختزل مفهوم “الاستقرار” في كتم الأنفاس بدل إدارة التعدد والاختلاف. هذه الممارسات تُفرغ أي حديث عن الديمقراطية من محتواه، وتجعل من الحقوق الاجتماعية رهينة مزاج السلطة، وليس نتيجة تفاوض وتوازنات داخل المجتمع.

الرسالة التي تُبعث من خلال توقيف سعيدي واضحة: لا مكان لنقابات مستقلة في جزائر اليوم. وهو ما يكرّس حالة “الردّة الديمقراطية” التي تعيشها البلاد منذ الحراك الشعبي، حيث أُغلقت الساحة السياسية، وقُمعت الأصوات الحرة، وعاد منطق العصا الغليظة ليفرض منطقه.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة