“غدر” بنكيران .. كيف دمّر شعبية “البيجيدي” وأفقده ثقة المغاربة

23 يوليو 2025
“غدر” بنكيران .. كيف دمّر شعبية “البيجيدي” وأفقده ثقة المغاربة

كلاش بريس /. الرباط

تزداد حدة النقاش داخل الأوساط السياسية حول مستقبل حزب العدالة والتنمية، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة، حيث يربط عدد من المراقبين الأداء المتراجع للحزب بتشبثه المستمر بعبد الإله بنكيران على رأس الأمانة العامة. فمنذ عودته لقيادة الحزب بعد “نكسة 2021″، لم يستطع بنكيران إعادة الزخم الشعبي للتنظيم، بل على العكس، ساهمت خرجاته الإعلامية المثيرة للجدل، ولغته الحادة تجاه الخصوم وحتى الحلفاء، في تكريس صورة سلبية عن الحزب، الذي وجد نفسه في موقع الدفاع بدل الهجوم.

لا يمكن الحديث عن أزمة العدالة والتنمية دون التوقف عند الإرث السياسي الثقيل الذي خلفه بنكيران، خاصة خلال ولايته الحكومية بين 2011 و2017. فرغم الظروف الصعبة التي جاءت فيها حكومة “الربيع العربي”، إلا أن بنكيران اختار طريقا محاطا بالألغام: رفع سن التقاعد وخفض معاشات المتقاعدين ضمن إصلاح صناديق التقاعد، وهو القرار الذي اعتبره كثيرون ضربًا لمكتسبات الموظفين. ثم رفع الدعم عن المحروقات عبر نظام المقايسة، وهو ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وأثّر مباشرة على القدرة الشرائية للأسر. إلى جانب ذلك، جاء قرار تحرير أسعار المحروقات دون ضبط المنافسة، مما فتح الباب أمام تغول شركات التوزيع وتحقيقها أرباحا ضخمة على حساب المواطن. كما تم تجميد التوظيف في عدة قطاعات، واعتماد نمط التعاقد في التعليم، ما تسبب في احتقان اجتماعي متواصل إلى اليوم. ولا ننسى التهجم المتكرر على النقابات واتهامها بالكسل والابتزاز، مما أسهم في تعطيل الحوار الاجتماعي لسنوات.

كل هذه القرارات كانت بموافقة وتبني مباشر من بنكيران، بل وكان يفتخر أمام الرأي العام أنه من اتخذها بشجاعة، مما زرع شعورا عميقا بالغدر لدى جزء كبير من قاعدته الشعبية التي أوصلته للحكم على أمل التغيير. ويبدو أن بنكيران يراهن على عامل النسيان الشعبي، إلا أن الواقع يكشف العكس. المغاربة لم ينسوا بعد كيف كان يخرج في تصريحاته معلنا: “أنا من قررت تحرير المحروقات، وأنا من مررت إصلاح التقاعد، ولست نادما على ذلك.” لكن خطاب العناد هذا، لم يعد مقنعا، خاصة أن المتضرر الأول من هذه السياسات هو المواطن البسيط الذي كان من المفترض أن “البيجيدي” يمثل صوته.

يرى العديد من المتتبعين أن تشبث الحزب ببنكيران اليوم يُعد بمثابة رهان خاسر، وسبب مباشر في استمرار تراجع شعبيته، خاصة أن الساحة السياسية مليئة بأسماء قوية داخل الحزب يمكن أن تعيد بناء الثقة مع القواعد. فبنكيران لم يعد رمز المصداقية ولا الزعيم الشعبي كما في بداية العقد الماضي، بل أصبح رمزا للأذى السياسي والاجتماعي في نظر شرائح واسعة من المواطنين.

ورغم أن بنكيران لا يتوقف عن مهاجمة خصومه السياسيين بمفردات لاذعة وأسلوب هجومي، إلا أن هذه “الخرجات” أصبحت، بحسب كثيرين، فولكلورا سياسيا لم يعد يؤثر في شيء، بل يزيد من عزلة الحزب ويدفع فئاته الوسطى إلى الابتعاد أكثر عن مشروعه.

في ظل كل هذه المعطيات، تبدو القيادة الحزبية اليوم أمام لحظة مفصلية. فإما أن تواصل سياسة العناد والتبرير، أو تعترف بأن الرهان على بنكيران بات خاسرا، وتقرر إبعاده عن الواجهة السياسية، في خطوة لترميم ما تبقى من الثقة. فإعادة بناء صورة “البيجيدي” تتطلب خطابا جديدا، وقيادة جديدة، وخطوطا فاصلة مع ماضي القرارات المؤلمة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

التعليقات تعليق واحد
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
  • MAGRIBI
    MAGRIBI 23 يوليو 2025 - 10:13

    صراحة ،الدولة العميقة ذكية جدا ،وإذا كانت راهنت على حزب الإتحاد الإشتراكي في لحظة السكتة القلبية … وابعدته بعد تعافيها، فقد إستعانت ب( البيجدي) أثناء الربيع العربي لانه كان الحزب الوحيد المنظم ،ورفع شعار محاربة الفساد … ولكن الفساد تغول ،والدولة تخلصت من الحزب بعدها …
    الآن ما العمل ؟ كيف ستتصرف الدولة وسط احتقان شعبي وصل الذروة …
    اعتقد والله أعلم أن الدولة تريد أن تخير الشعب بأن يختار ( حزب اخنوش أو حزب بن كيران )
    هدا هو الخيار الذي تمتلكه باقي الدكاكين تلعب دور المشاركة فقط …

الاخبار العاجلة