كلاش بريس / خريبكة
عند مدخل مدينة خريبكة عبر الطريق السيار، يستقبلك مشهد غريب لا يشبه لا ذاكرة المدينة ولا حاضرها: دينصور ضخم، مهيب، بل ومخيف بعض الشيء، ينتصب كحارس صامت على أبواب المدينة. مشهد يطرح أكثر من سؤال، ويستفز مخيلة كل من يعرف خريبكة أو يزورها لأول مرة.
في بلد مثل المغرب، دأبت المدن على أن تُزين مداخلها ومجالاتها الرمزية بما يُحيل على خصوصيتها، وعلى ما تفتخر به من تقاليد أو ثروات أو رموز ثقافية. سطات، مثلا، اختارت العود والتبوريدة لما لها من ارتباط بالمنطقة وتقاليدها العريقة، تطوان رفعت حمامة بيضاء تعكس طابعها الأندلسي وهدوءها، بركان اختارت الليمون، وغيرها من المدن التي حاولت أن تُعبر عن نفسها بوضوح وجمالية. أما خريبكة، فقد اختارت الدينصور!
نعم … للدينصور علاقة بتكوينات جيولوجية أو اكتشافات أثرية شهدتها المنطقة،…لكن التمثال لا يُقدم أي تفسير ، ولا يُستغل في سياق سياحي أو تربوي، ولا يحمل أي بعد فني يُغري بالنظر أو التصوير. شكله لا يوحي بالجاذبية، بل يُثير الخوف والانزعاج.
سألنا احد المعارف دخل خريبكة وتوقف عند الدينصور عن اول استنتاجاته فقال …” انها رسالة غير معلنة كثيرون سيرون في هذا الدينصور رمزا لديناصورات بشرية ما تزال تُسيطر على دواليب القرار في المدينة، وتُعيد إنتاج العبث والركود بنفس العقليات البالية”
وأضاف..” قد يكون التمثال إسقاطا غير واعٍ لحالة من الجمود والهيمنة، أكثر مما هو عمل جمالي مدروس.
إن خريبكة.. لها من الرموز ما يكفي لتزيين مداخلها بأشكال تُعبّر عنها حقاً: الفوسفاط، تاريخ النضال العمالي، الثقافة الشعبية، التعدد، التقاليد المرتبطة بالفروسية، وحتى التراث الطبيعي المرتبط بالمناجم والغابات المحيطة. كل هذه عناصر كان يمكن أن تتحول إلى رمز مشرف يمثل المدينة بدل كائن منقرض لا يمتّ لها بصلة.”
الدينصور ليس جميلا …والصورة اعلاه اجمل من حقيقته المباشرة !!!