كلاش بريس / الرباط
في تطور دراماتيكي هزّ الرأي العام داخل المغرب وخارجه، تفجّرت فضيحة مدوية بعد ظهور تسريب صوتي صاعق يورّط صاحب قناة “تحدي” الهارب إلى كندا، هشام جيراندو، في علاقة مباشرة مع أحد كبار تجار المخدرات. التسجيل، رغم قصره، كشف بما لا يدع مجالاً للشك أن الشخص الذي قدّم نفسه لسنوات كـ“محارب للفساد” لم يكن سوى واجهة لأساليب ابتزاز منظمة تُدار من وراء شاشة الحاسوب.
المكالمة المسرّبة أظهرت جيراندو وهو يطالب المتصل، الذي يُرجح أنه أحد بارونات المخدرات، بما سماه “المساهمة” مقابل سحب فيديوهات تشهّر به. الأخطر من ذلك أنه هدّد بنشر ملفات “أخطر” لو لم يتصل المتهم في الوقت المناسب، ما يثبت أن القناة كانت تتحول، عند الطلب، إلى أداة ضغط وابتزاز تستهدف من يرفض الدفع وتغضّ الطرف عمّن يدفع بسخاء.
هذه الواقعة كشفت حقيقة مرعبة: القناة لم تكن مساحة للفضح ولا صوتاً للحق، بل كانت تُدار بمنطق “الحماية الإعلامية” لمن يملك المال، وتحويل المنصة إلى محكمة ظلّ تتاجر في سمعة الناس وتبيع الصمت مقابل تحويلات مالية. كل الشعارات التي استعملها جيراندو طيلة سنوات عن “محاربة المافيات” و“فضح الفساد” تبيّن اليوم أنها مجرد غطاء يخفي شبكة مصالح مشبوهة تدور في فلك الجريمة المنظمة.
التسريب أعاد إلى الواجهة سلسلة طويلة من الاتهامات التي طاردته، من ابتزاز مهاجرين ورجال أعمال وموظفين عموميين إلى تشويه سمعة من يرفض الخضوع لشروطه. المفارقة أن كل ذلك كان يُقدَّم للمتابعين على أنه “نضال”، بينما الحقيقة كانت أبعد ما تكون عن ذلك، إذ كان الرجل يدير ماكينة ابتزاز دولية تتغذى من خوف الناس ومن ضعفهم أمام حملات التشويه.
اليوم، وبعد أن انكشف المستور بصوت صاحبه، يطرح المغاربة سؤالاً مشروعاً: كيف لشخص صدرت في حقه أحكام قضائية، وتلاحقه شكايات متعددة بالابتزاز والتهديد، أن يستمر في البث من كندا بكل حرية؟ ولماذا لم تُفعّل بعد مسطرة تسليمه بموجب الاتفاقيات القضائية مع المغرب؟ تساؤلات تتزايد حدتها مع تصاعد الغضب الشعبي وتداول التسجيل على نطاق واسع.
المشهد يبدو واضحاً: القضية دخلت مرحلة اللاعودة. الصورة اللامعة التي حاول جيراندو تثبيتها لسنوات انهارت بالكامل، والأصوات التي كانت تسانده بدأت تنفضّ من حوله بعد انكشاف دوره الحقيقي. الأيام المقبلة قد تحمل تسريبات أو معطيات إضافية تعمّق سقوطه وتدفع نحو تحركات قانونية أكثر جدية.
ما أصبح مؤكداً هو أن صاحب “تحدي” لم يعد قادراً على الاختباء خلف خطاب المظلومية، وأن المسار الذي اختاره بيده يقوده إلى نهاية حتمية. فالتسجيل الذي انتشر كالنار في الهشيم ليس مجرد لحظة عابرة، بل بداية سقوط صاخب لرجل اعتقد طويلاً أنه خارج المحاسبة، قبل أن يجد نفسه اليوم أمام رأي عام غاضب وزمن قضائي يقترب بسرعة لا ترحم.

















