تبون و”السلم العالمي”: الرجل الذي أراد إنقاذ المتوسط… فتعثر في الرمال

في تطور دبلوماسي غير مسبوق، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، من الأراضي السلوفينية الشقيقة، أن الجزائر دولة مسالمة هدفها “تحقيق السلم في المنطقة وفي البحر الأبيض المتوسط… وحتى ربما في كوكب المريخ إذا سمح لهم الوقت”. وأضاف تبون بنبرة واثقة: “نحن وسطاء السلام… ونوزع الحياد المجاني منذ الاستقلال”.

تصريحات تبون جاءت في الوقت الذي تحوّلت فيه الجزائر إلى قوة سلام ضاربة، تعمل ليلًا ونهارًا على حل نزاعات لم تسمع بها حتى الأمم المتحدة، بينما تعاني العلاقات مع الجيران من أعراض مزمنة، أهمها “الحساسية من المصافحة” و”رهاب الحدود المفتوحة”.

لكن العجيب في الأمر أن هذا السلم الجزائري لا يشتغل إلا خارج الجغرافيا المغاربية. فبينما تُرسل الجزائر دعوات للسلام إلى البحر الأبيض المتوسط على ظهر حمامة مطاطية، نجدها في نفس الوقت تزرع الأشواك أمام أي مبادرة مغربية أو إفريقية لا تمر عبر بريد قصر المرادية.

المغرب؟ دولة مارقة في عرفهم، لأنه أرسل مساعدات إلى دول الساحل من غير استشارة لجنة السلم المركزية في بن عكنون. ومالي؟ خرجت عن النص حين قررت التعاون اقتصاديًا مع الرباط بدل ترديد نشيد الحياد “على الطريقة الجزائرية”.

والأدهى من ذلك، أن الجزائر – وفي إطار سعيها لتصدير السلم – قررت “حظر التصدير” على أي مبادرة مغربية نحو إفريقيا، ولو كانت قافلة طبية. أما المبادرات الاقتصادية المغربية، فتُصنف حسب أعين إعلامهم ضمن قائمة “الاستفزازات المسلحة”… ولو كانت مصنعًا للقطارات.

الطريف أن تبون يكرر باستمرار أن الجزائر لا تتدخل في شؤون الآخرين، في حين أن أخبار دول الجوار تُناقش أكثر من مشاكل البطاطا، وقد تتحول في لحظة إلى بيان رئاسي عاجل.

في الختام، يبدو أن الجزائر اختارت أن تكون سفيرة السلام العالمي من دون حدود، شرط أن لا يمر السلام عبر جيرانها، ولا أن تُذكر كلمة “تنمية” بجانب كلمة “المغرب”. والوساطة؟ نعم، بشرط أن لا تحل النزاع فعليًا، وأن تستمر الاجتماعات إلى الأبد، لأن السلام الحقيقي يهدد “التوازنات الجيوستراتيجية”، وذاك خط أحمر عند أهل الحياد التبوني.

إذا أعجبك الأسلوب، نقدر نزيد نطوره إلى نص أطول أو نحولو لسكيتش أو حوار ساخر بين شخصيات خيالية. تحب تمشي فهذ الاتجاه؟

 ?