كلاش بريس /. ع ع
في تصريح يحمل الكثير من التجميل وقليلًا من الحقيقة، قال مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن “المجتمع المدني أصبح فاعلاً مركزياً في صياغة وتقييم السياسات العمومية”، مشددًا على دعم الحكومة لهذا القطاع وتمكينه من أداء أدواره الدستورية. لكن الواقع، للأسف، يُكذّب هذا الخطاب الرسمي المطمئن.
فعن أي دعم يتحدث بيتاس والحكومة صارت تقصّي الجمعيات الجادة من مسالك القرار، وتُحاصر الأصوات المستقلة التي تجرؤ على مساءلة السياسات العمومية أو فضح الفساد؟ هل نسي بايتاس أن المجتمع المدني لم يعد مرحبًا به حين يلامس الجرأة والحقيقة أو حين يفضح التلاعب بالصفقات العمومية وخرق القانون في التسيير المحلي؟
أي تمكين هذا، والمجتمع المدني لم يعد يُستشار إلا في صيغ صورية، واللقاءات التي تُعقد باسمه ليست سوى مناسبات استعراضية لالتقاط الصور؟ متى كانت آخر مرة أدرجت الحكومة فعلاً ملاحظات منظمات المجتمع المدني في تصميم برامجها؟ ومتى تم احترام مقترح جاد قدمته شبكة مدنية مستقلة؟
تصريح بايتاس لا يمكن إلا أن يُفهم ضمن سياق عام من التناقضات؛ حكومة تُدير الظهر لحركات الاحتجاج، تُهمّش تقارير الجمعيات الحقوقية، وتغلق الأبواب في وجه المبادرات الحقيقية التي تخرج من الشارع والميدان، ثم تخرج لتُعلن أن المجتمع المدني فاعل مركزي!
إن ما يحتاجه المجتمع المدني ليس خطابات مطمئنة، بل حماية قانونية فعلية، وضمان حرية الاشتغال، وفتح قنوات مؤسسية حقيقية للتأثير والمساءلة. أما الشعارات، فقد ملّها الناس، وذاكرة المجتمع تحفظ جيدًا من يقف إلى جانبهم فعلاً، ومن يكتفي بترديد الكلام الجميل.