كلاش بريس /. ع ..ع
في وقت سابق، حين وصف عبد العزيز أفتاتي، القيادي في حزب العدالة والتنمية، عزيز أخنوش بـ”الشناق”، لم يتأخر عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، في الخروج العلني مهاجمًا زميله في الحزب، ناعتًا إياه بالشخص الذي “رجليه خارجين من الشواري”، ومتهمًا إياه بإلحاق الضرر بمسار الحزب فقط لأنه عبّر عن رأيه.
بنكيران، آنذاك، لم يتردد في الدفاع عن أخنوش، معتبرا إياه “ولد الناس” و”رجل طيب”، بل ذهب أبعد من ذلك حين قال إن الحزب في انسجام تام معه، مشدداً على أن من يريد أن يتكلم بحرية عليه أن “يخرج من الحزب”، لأن العدالة والتنمية ليس مكانًا لمن “يقول اللي بغا ويدير اللي بغا”.
لكن الأمور تغيرت. واليوم، بنكيران نفسه يتصدر جبهة الهجوم على أخنوش، ويطلق تصريحات نارية في حقه، بل لم يسلم من لسانه حتى عبد اللطيف وهبي ولا بعض الصحافيين، في مشهد يعيد طرح سؤال جوهري حول “ثبات الموقف السياسي” داخل حزب لطالما تغنى بشعار تخليق الحياة العامة والارتقاء بالخطاب السياسي.
فكيف لمن كان بالأمس يطالب أعضاء حزبه بالصمت والتهذيب والالتزام والانضباط الحزبي في حضرة أخنوش، أن يتحول اليوم إلى رأس الحربة في مهاجمته؟ هل تغيرت قناعات بنكيران أم أن المصالح السياسية هي التي تغيّرت؟ وهل باتت بوصلته تُضبط حسب اتجاه الرياح وموازين القوى؟
الأكيد أن ما يجري اليوم يُظهر أن مقاييس الكلام والمبادئ داخل حزب العدالة والتنمية تخضع لمنطق “المرحلة” لا لمنطق المبدئية. فحين كانت المصلحة تقتضي كسب ودّ أخنوش، صودر صوت أفتاتي وقُمعت مواقفه، واليوم حين انقلبت الطاولة السياسية، لم يتردد بنكيران في استخدام نفس الأسلوب الذي سبق أن أدان به غيره.
هذا التناقض لا يمس بنكيران وحده، بل يكشف أزمة أعمق في الخطاب السياسي لدى النخبة الحزبية، حيث تغيب الثوابت وتحضر الحسابات، وحين تتبدل المواقع تتبدل القناعات.
فأين هي شعارات “تخليق الحياة السياسية” التي ما فتئ الحزب يرفعها؟ وأين هو النموذج الجديد للخطاب المسؤول الذي وُعد به المغاربة؟ بل أين هي روح الديمقراطية الداخلية إذا كان التعبير عن الرأي، كما فعل أفتاتي، يقابل بالتوبيخ العلني بينما الشعبوية الفجة تُمارس من أعلى هرم الحزب بلا حسيب ولا رقيب؟
ما يروج من خطابات حاليا ،و أحداث ،والتركيز بالتحديد على ثنأئية ( أخنوش وبن كيران ) يكشف أن الدولة العميقة تضع الشعب بين خيارين لا ثالث لهما أي أن باقي الدكاكين وظفتهم المشاركة فقط …
المؤسف أن كلا الخيارين أسوأ من بعض …
ويبقى الحل هو ( ملكية برلمانية مع فصل السلط وبأحزاب حقيقية وليس دكاكين)