كلاش بريس / الرباط
اتهم عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، رئيس الحكومة عزيز أخنوش بانعدام الحس الاجتماعي، معتبراً أن اختياراته السياسية والاقتصادية تنحاز بوضوح لفئة المنتفعين من الريع، على حساب الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي تواجه ضغوطًا متزايدة في ظل موجة الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة.
وفي لقاء تواصلي نظمته الأمانة العامة لحزب “البيجيدي” يوم الجمعة 4 يوليوز، خصص لمناقشة أعطاب ورش الحماية الاجتماعية، عبّر بنكيران عن استيائه مما وصفه بـ”غياب القيادة الاجتماعية” داخل الجهاز التنفيذي، متهمًا أخنوش بانتهاج منطق المحاباة السياسية على حساب المصلحة العامة، وتغليب الاعتبارات الانتخابية على أولويات العدالة الاجتماعية.
وانتقد بنكيران الأداء المؤسساتي لرئيس الحكومة، خاصة في ما يتعلق بتعاطيه مع المؤسسة التشريعية، حيث أشار إلى أن حضور أخنوش إلى جلسات المساءلة الشهرية بمجلس النواب لم يتجاوز 18 مرة من أصل 32 جلسة، معتبرًا هذا السلوك ضربًا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحقيرًا للبرلمان كمؤسسة دستورية تمثل الشعب.
كما رأى أن الحكومة الحالية تفتقر إلى الشفافية في التواصل، وتُغرق الرأي العام في سرديات متضاربة حول مآلات المشاريع الاجتماعية الكبرى، وعلى رأسها تعميم التغطية الصحية والدعم المباشر للأسر المعوزة. وقال بنكيران إن رئيس الحكومة مطالب بالخروج من منطق الصمت أو التبرير التقني، وتقديم تفسير سياسي وأخلاقي لحجم الإخفاقات المسجلة، داعيًا إياه إلى الاعتذار علنًا، بل وتقديم الاستقالة إذا فقد ثقة المواطنين.
في سياق حديثه عن تعثر ورش الحماية الاجتماعية، أعاد بنكيران التذكير بالوعود الحكومية غير المنجزة، كدعم الأشخاص المسنين بمبلغ شهري يصل إلى 1000 درهم، وتوسيع قاعدة المستفيدين من التغطية الصحية، مع الإبقاء على دعم الأرامل. غير أن الواقع، حسب قوله، يُبيّن أن الحكومة خفّضت من حجم هذا الدعم، واعتمدت مؤشرات “غير منصفة”، تسببت في إقصاء ملايين المواطنين من حقهم في العلاج، بل دفعت بعدد منهم إلى طرق أبواب المحسنين.
ولم يُخفِ الأمين العام لحزب العدالة والتنمية قلقه من التوسع اللافت للمصحات الخاصة، وخاصة مجموعة “أكديطال”، متسائلًا عن مصدر الاستثمارات الضخمة التي سمحت ببناء عشرات المؤسسات الصحية في ظرف وجيز. “لسنا ضد الاستثمار الخاص، لكن المال العام يجب أن يُوجّه أولًا إلى تعزيز البنية التحتية الصحية العمومية، وليس لتمويل مشاريع تجارية تحت غطاء الخدمة الصحية”، يضيف بنكيران.
كما عبّر عن خيبة أمل كبيرة من قرار الحكومة سحب مشروع قانون تجريم الإثراء غير المشروع، معتبرًا هذا التراجع دليلًا على ضعف الإرادة السياسية في مكافحة الفساد، وتكريسًا لصيغة ناعمة من الحصانة لفئة محدودة تستفيد من مواقع النفوذ وتراكم الثروات بطرق غير شفافة.
وختم بنكيران مداخلته بالتأكيد على أن ثقة المواطنين تتآكل يومًا بعد يوم، وأن تدهور منسوب الأمل لدى المغاربة لا يمكن معالجته بالخطاب الإنشائي أو التدبير الفوقي، بل يتطلب تغييرًا عميقًا في منطق الحكم، يُعيد توجيه بوصلة السياسات العمومية نحو الفئات الهشة، ويربط بجدية بين السلطة والمساءلة.