كلاش بريس /. الرباط
لم يكد الدخان الكثيف يتبدد من سماء تطوان وشفشاون، حتى سارع حزب العدالة والتنمية بجهة طنجة تطوان الحسيمة إلى إصدار بلاغ يصف فيه ما وقع بالكارثة الناتجة عن “قصور في الجاهزية وضعف في التدخل”.
بلاغ بدا لكثير من المتتبعين مفتقدا لأبسط شروط التوازن والإنصاف، خاصة وأن فرق الإطفاء وعناصر الوقاية المدنية اشتغلت لساعات طويلة، على الأرض وفي السماء، لإخماد النيران وإنقاذ أرواح وممتلكات المواطنين.
المثير في الأمر أن الحزب، بدل أن يثني على مجهودات رجال الإطفاء والمتطوعين الذين خاطروا بحياتهم وسط ألسنة اللهب، فضل أن يصب الزيت على النار بخطاب فضفاض مليء بالاتهامات، دون تقديم أي حلول عملية أو رؤية واضحة. فهل المطلوب أن يظل الحزب متربصا بالحرائق والأزمات، ينتظر اشتعالها ليصدر بيانات سياسية للاستهلاك الإعلامي؟
توقيت البلاغ لم يكن موفقا أيضا؛ إذ لم يترك للحظة مساحة لالتقاط الأنفاس أو تقييم شامل للخسائر، بل جاء مستعجلا وكأنه سباق مع الزمن لتسجيل النقاط السياسية، متناسيا أن الأولوية في هذه اللحظة هي دعم جهود الميدان وتوفير الوسائل للمتضررين، لا توزيع الاتهامات المجانية.
الأدهى أن الحزب تحدث عن “القصور” وكأن المغرب لا يتعامل مع حرائق غابوية تتجاوز إمكانيات دول عظمى، في وقت أبانت فيه الطائرات الكندية وعناصر الوقاية المدنية عن جاهزية كبيرة، جنّبت البلاد مأساة أشد. فهل من الإنصاف وصف هؤلاء الأبطال بالعجز وهم الذين قضوا ليالي كاملة في مواجهة النيران؟
بهذا المعنى، لم يكن البلاغ سوى بيان انتخابي متأخر، حاول أن يصنع حضورا سياسيا على حساب مأساة إنسانية وبيئية، لكنه انتهى بفضح غياب الحس الوطني والحس بالمسؤولية، ليطرح سؤالا أكبر: أي دور لحزب سياسي إذا كان حضوره الوحيد هو في لحظات الأزمات، عبر تسجيل المواقف والركوب على المآسي؟