الغلوسي يُشخّص الانهيار: المال والريع بدل التأطير والكفاءة

28 سبتمبر 2025
الغلوسي يُشخّص الانهيار: المال والريع بدل التأطير والكفاءة

كلاش بريس / الرباط

في تدوينة قوية نشرها على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي، حذر محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، من خطورة ما وصفه بـ”تفكيك وإضعاف كل الآليات والتنظيمات التي كانت تؤطر المجتمع”، في إشارة إلى الأحزاب السياسية، والنقابات، والجمعيات، والصحافة، التي كانت إلى وقت قريب تقوم بأدوار محورية في التوجيه والتأطير والدفاع عن المصلحة العامة.

واعتبر الغلوسي أن هذا الفراغ الذي خلّفه تراجع دور مؤسسات الوساطة تم تعويضه بـ”التمكين للمال والنفوذ والريع والاحتكار”، وهو ما أدى، حسب قوله، إلى “تعميق الفساد في كل مظاهر الحياة العامة”، وتهميش الكفاءات والطاقات الوطنية الصادقة، مقابل صعود “كائنات تافهة بالكاد تنطق جملة مفيدة” إلى واجهة المشهد السياسي والثقافي والإعلامي والفني.

وأضاف الناشط الحقوقي أن هذا الواقع ساهم في “تحويل النجاح والتألق إلى مرادف للتشلهيب والابتذال”، معتبراً أن الهدف من ذلك هو “صناعة قدوة مزيفة”، تقوم على شخصيات كارتونية لا تمثل المجتمع، لكنها فُرضت عليه قهراً، وأُقحمت في مواقع المسؤولية والقرار، مما جعل المشهد السياسي والإعلامي مجرد أداة لتكرار خطاب السلطة وسبّ الشعب واحتقاره.

وأكد الغلوسي أن هؤلاء الذين يقدّمون أنفسهم كخدّام للدولة وحماة لمصالحها، “ليسوا سوى مغرّرين يبيعون الأوهام”، تنكشف حقيقتهم عند أول اختبار اجتماعي، حيث “يتركون الدولة ومؤسساتها الأمنية في مواجهة الغضب الشعبي، ويهربون من المسؤولية في وقت الأزمات”.

وأشار المتحدث إلى أن “الخطر الحقيقي لا يكمن في أحلام الشباب الذين يطالبون بتعليم جيد وصحة متقدمة وبيئة نزيهة ومؤسسات تلاحق اللصوص”، بل في “النخب الفاسدة التي كرست الرداءة والريع وأقصت الكفاءات”.

ودعا الغلوسي إلى ضرورة بروز “نخبة سياسية وثقافية وإعلامية جديدة ذات مصداقية ونزاهة عالية”، قادرة على فتح نقاش عمومي مسؤول حول السياسات العمومية، وتخليق الحياة العامة، والجرأة في طرح ملف الإصلاح السياسي والدستوري والمؤسساتي.

وختم تدوينته بالتأكيد على أن المرحلة الراهنة تحتاج إلى “جيل جديد من الإصلاحات الجوهرية” من أجل ترسيخ حكم دولة القانون والمؤسسات، وتحقيق توزيع عادل للثروة، وضمان الإنصاف الاجتماعي والمجالي، باعتبار ذلك السبيل الوحيد لاستعادة ثقة المجتمع وضمان الاستقرار والتنمية الحقيقية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة