الجزائر والبوليساريو أمام الحقيقة المرة

31 أكتوبر 2025
الجزائر والبوليساريو أمام الحقيقة المرة

بقلم: إدريس السدراوي / الصورة مركبة

تعيش قضية الصحراء المغربية اليوم منعطفًا حاسمًا، بعد أن بدأت تتكشف ملامح التحول الدولي الواضح تجاه تبني مقاربة واقعية وعادلة، تُكرّس المبادرة المغربية للحكم الذاتي كخيار وحيد ذي مصداقية لإنهاء نزاع مفتعل طال أمده.

هذا التحول لم يأتِ صدفة، بل هو نتيجة تراكمات سياسية ودبلوماسية ذكية انتهجها المغرب تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، مقابل استمرار الجزائر والبوليساريو في العيش داخل أوهام الماضي، متمسكين بخطاب تجاوزه التاريخ والواقع.

مشروع القرار الأمريكي: نقطة اللاعودة

مشروع القرار الأمريكي الأخير داخل مجلس الأمن شكّل تحولًا جوهريًا في الموقف الدولي من ملف الصحراء المغربية، حيث أكد صراحة على دعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، واعتبرها الأساس الواقعي والعملي الوحيد للحل.
بهذا الموقف، وجّهت واشنطن رسالة واضحة للجزائر والبوليساريو: لا مكان بعد اليوم لأوهام الانفصال أو لخطاب “تقرير المصير” الذي لم يعد يجد من يصغي إليه.

البوليساريو في نفق مسدود

أمام هذا الواقع الجديد، تجد جبهة البوليساريو نفسها في عزلة خانقة، بعد أن فقدت بريقها وصدقيتها أمام المنتظم الدولي.
عقود من الترويج لأكاذيب “التحرير” و”التمثيل الشرعي” انتهت إلى الفشل الذريع، بعد أن تبيّن أن المخيمات في تندوف ليست سوى فضاء للمتاجرة بالبؤس الإنساني، وأن سكانها محتجزون، محرومون من حقهم في التنقل والاختيار، في خرق صارخ لكل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
لم يعد أحد في العالم يصدق أن كيانًا مسلحًا يتحكم في لاجئين فوق التراب الجزائري يمكنه أن يمثل إرادة سكان الصحراء المغربية الذين يعيشون اليوم تنمية وكرامة داخل وطنهم الأم.

الجزائر… عبء بدل الدعم

الجزائر التي كانت لعقود تراهن على البوليساريو كورقة ضغط ضد المغرب، أصبحت اليوم أسيرة هذا الملف الذي تحوّل إلى عبء سياسي وحقوقي ثقيل.
في الداخل، تتصاعد أصوات الانتقاد بسبب فشل السياسات الاجتماعية وتفاقم القمع ضد المعارضين، خاصة في منطقة القبائل، التي تطالب هي الأخرى بحق تقرير المصير، مما يفضح ازدواجية الخطاب الجزائري الذي يدّعي الدفاع عن “حقوق الصحراويين” بينما يقمع شعبه.
وفي الخارج، تواجه الجزائر عزلة دبلوماسية متزايدة، بعدما فشلت في إقناع أي جهة وازنة بجدوى استمرار هذا النزاع الذي أصبح يُنظر إليه كعقبة أمام استقرار المنطقة المغاربية وتنميتها.

سقوط كذبة “حقوق الإنسان” و”تقرير المصير”

لطالما وظّفت الجزائر والبوليساريو شعارات حقوق الإنسان لتضليل الرأي العام، لكن تقارير المنظمات الدولية نفسها كشفت حجم الانتهاكات داخل مخيمات تندوف، من تجنيد الأطفال إلى الاستغلال والفساد والرقابة المطلقة على اللاجئين.
في المقابل، تشهد الصحراء المغربية نهضة تنموية غير مسبوقة، ومشاركة سياسية محلية متقدمة، وانتخابات حرة جعلت من الأقاليم الجنوبية نموذجًا في الاستقرار والانخراط الديمقراطي داخل السيادة المغربية.

الحقيقة المرة

الحقيقة التي تحاول الجزائر والبوليساريو إنكارها هي أن مشروعهما فشل تمامًا، وأن العالم اختار الواقعية بدل الوهم.
فالمبادرة المغربية للحكم الذاتي ليست فقط مقترحًا سياسيًا، بل مشروع سلام وتنمية يستجيب لتطلعات الساكنة، ويحافظ على وحدة المغرب الترابية، ويضمن الأمن والاستقرار في المنطقة المغاربية بأكملها.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تأكد للعالم أن الصحراء مغربية… وستبقى كذلك، وأن من يسير عكس هذا الاتجاه إنما يسير نحو عزلة لا مخرج منها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة