الجزائر تحت المجهر : انتهاكات حقوقية وتراجع ديمقراطي مقلق

25 أبريل 2025
الجزائر تحت المجهر : انتهاكات حقوقية وتراجع ديمقراطي مقلق

كلاش بريس / ع ع

تعيش الجزائر اليوم وضعاً سياسياً وحقوقياً ينذر بالخطر، وسط تصاعد مستمر للانتهاكات التي تطال الحريات الأساسية، وتضييق ممنهج على الأصوات الحرة، في مشهد يُعيد إلى الأذهان عهود الاستبداد التي ظنّ الشعب الجزائري أنه طواها مع حراك فبراير 2019.

فعلى الرغم من الخطاب الرسمي الذي يروّج لانفتاح سياسي و”جمهورية جديدة”، إلا أن الوقائع على الأرض تكشف صورة مغايرة تماماً. فقد تحوّلت البلاد إلى ساحة مفتوحة للقمع، حيث تتزايد الاعتقالات التعسفية بحق نشطاء، صحفيين، ومحامين، لا لشيء سوى تعبيرهم عن آرائهم أو دفاعهم عن حرية التعبير. لم تعد وسائل الإعلام، حتى الخاصة منها، بمنأى عن الرقابة والملاحقة، في وقت تتحكم فيه السلطة بالرواية وتحتكر الحقيقة.

أما القضاء، الذي يفترض أن يكون حصناً للعدالة، فقد أصبح أداة في يد السلطة التنفيذية، يُستخدم لتصفية الحسابات السياسية وترهيب الخصوم. المحاكمات الجائرة، والأحكام القاسية، ومنع الزيارات العائلية أو التواصل مع المحامين، أصبحت مشهداً متكرراً في قضايا الرأي، مما يؤكد على تقويض مبدأ الفصل بين السلطات.

ديمقراطياً، لا يختلف المشهد كثيراً. الانتخابات تُجرى في ظل غياب أدنى شروط النزاهة والشفافية، وأحزاب المعارضة تعاني التهميش أو المنع، بينما تغيب الإرادة السياسية الحقيقية لإحداث انتقال ديمقراطي حقيقي. وبات البرلمان مجرد واجهة شكلية تفتقر إلى التأثير، فيما تستمر السلطة الفعلية في يد دائرة ضيقة لا تخضع للمساءلة.

المجتمع المدني، الذي يفترض أن يكون شريكاً في بناء الدولة الحديثة، يعاني هو الآخر من حصار قانوني وأمني، عبر قوانين قمعية تحدّ من حرية التنظيم وتُجهض أي مبادرة مستقلة.

إن ما تشهده الجزائر اليوم من تراجع خطير في ملف الحريات وحقوق الإنسان، لا يمكن السكوت عنه. وعلى المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية أن تتحمّل مسؤولياتها في الضغط على السلطات الجزائرية لاحترام تعهداتها الدولية، وإيقاف النزيف الديمقراطي المتواصل.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة