في ظل استعداد المغرب للانتخابات التشريعية المقبلة، أثار عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، جدلاً حول الترشيح المستقل، معتبرًا أنه قد “يبخس الأحزاب ويخل بأدوارها الدستورية”. بووانو أكد على الدور المحوري للأحزاب في ضمان ممارسة ديمقراطية سليمة، مشدّدًا على أن التشجيع على الترشيح المستقل قد يقوض هذه الأدوار.
لكن تحليل المشهد السياسي يطرح تساؤلات جوهرية حول مصداقية هذا التحذير. فالانتقادات الموجهة للأحزاب لم تعد محصورة في الشارع، بل تشمل المراقبين والسياسيين أنفسهم، إذ يبدو أن جزءًا كبيرًا من المواطنين لم يعد يثق في قدرة الأحزاب على تفعيل برامجها أو الدفاع عن مصالح الناخبين بفعالية.
بووانو حاول أيضًا تسليط الضوء على المبادرات التي طرحها حزبه لدعم مشاركة الشباب والنساء، مثل زيادة الدعم المالي للأحزاب التي ترشحهم، والعودة للدائرة الوطنية الخاصة بالشباب. ومع ذلك، فإن إلغاء هذه الآليات في انتخابات 2021 يعكس، حسب مراقبين، محدودية الإرادة الحقيقية لتعزيز الإدماج السياسي، ويدل على فجوة بين الخطاب والممارسة.
من منظور تحليلي، يبدو أن التحفظ على الترشيح المستقل لا يعبّر فقط عن حرص على الدستور، بل يعكس مخاوف أحزاب تقليدية من فقدان نفوذها في مواجهة ديناميات جديدة يفرضها شباب أكثر وعيًا بمسؤولياته السياسية. أما الواقع فهو أن استمرار الأحزاب في المشهد دون تجديد حقيقي قد يؤدي إلى مزيد من فقدان الثقة، مما يجعل فكرة الترشيح المستقل أوضح تعبير عن رغبة المواطنين في المشاركة الفعلية دون وسيط حزبي ضعيف.
في النهاية، يمكن القول إن النقاش حول الترشيح المستقل ليس فقط مسألة قانونية أو دستورية، بل هو مؤشر على أزمة أوسع تعيشها الأحزاب المغربية، والتي إذا لم تتجاوز أساليب البهرجة السياسية والجدال العقيم، فإنها ستظل محصورة في دورها الرمزي، بعيدًا عن الحاجيات الواقعية للمواطنين.

















