احتجاج بالأقدام ومهرجان بالأضواء.. أكودي نلخير بين العزلة والفرجة

20 يوليو 2025
احتجاج بالأقدام ومهرجان بالأضواء.. أكودي نلخير بين العزلة والفرجة

كلاش بريس / ازيلال

لم تمر سوى أيام قليلة على المسيرة الاحتجاجية التي نظمها سكان دوار الموضع التابع لجماعة أكودي نلخير بإقليم أزيلال، حتى خرجت نفس الجماعة في مشهد يناقض كل منطق، لتنظم مهرجانًا احتفاليًا تحت اسم “مهرجان أكودي نلخير لفنون الجبل”، وسط موسيقى صاخبة ورقصات فلكلورية، وكأن الساكنة لم تخرج قبل أسبوع مطالبة بأبسط مقومات الحياة.

الواقع أن هذه المفارقة الصادمة تطرح أكثر من سؤال: كيف تُصرف الميزانيات بسخاء على مهرجانات “الشطيح والرديح”، بينما تعاني الساكنة من العزلة القاتلة، والمسالك الوعرة، وانعدام البنيات التحتية؟ كيف توفرت الأموال في رمشة عين لما هو ترفيهي، واختفت حين تعلق الأمر بمطالب تنموية وحقوق إنسانية أساسية؟

في الوقت الذي كان فيه المواطنون يقطعون كيلومترات سيرًا على الأقدام في اتجاه مقر العمالة، احتجاجًا على التهميش والتجاهل، كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق لإقامة الخيام، وتجهيز المنصات، واستقدام الفرق، في مهرجان لم تكن المنطقة في حاجة إليه بقدر حاجتها إلى طريق معبدة أو مركز صحي.

الجهات المسؤولة، التي اختارت أن تدير ظهرها لصوت المعاناة، فضّلت مرة أخرى أن تستثمر في “الفرجة”، بدل الاستجابة للنداءات الصادقة التي أطلقتها الساكنة. وكأنها تقول لهم: “ارقصوا بدل أن تحتجوا… غنّوا بدل أن تطالبوا”.

أين هو مبدأ الأولويات في تدبير الشأن العام؟ من الأحق بالمال العام؟ من يقطع الطريق تحت الشمس والبرد، أم من يعتلي المنصات للرقص والغناء؟ هل أصبح الترفيه أولوية فوق الحق في الماء، والطرق، والمدارس، والصحة؟

إن ما يحدث اليوم في أكودي نلخير لا يمكن وصفه إلا بعبث في ترتيب الأولويات، واستفزاز صريح لشعور سكان يعانون في صمت، بينما تُصرف الأموال في احتفاليات لا تسمن ولا تغني من جوع.

وفي النهاية، حين تنقضي الأنغام، وتُطوى الخيام، ستبقى الأسئلة معلقة، وستبقى الطريق موحلة، والعزلة كما هي، والاحتجاجات في الأفق.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة