أولاد عياد… مدينة تُطفأ ببطء وسط صمت المسؤولين

19 نوفمبر 2025
أولاد عياد… مدينة تُطفأ ببطء وسط صمت المسؤولين

كلاش بريس / أولاد عياد

تعيش أولاد عياد اليوم واحدة من أكثر مراحلها قتامة، وكأن الزمن توقف داخل هذه المدينة التي أنهكتها الوعود وتَجاوزها قطار التنمية منذ سنوات طويلة. مدينة بوجه شاحب، تتراكم فوقه طبقات الإهمال، وتُغطيه تفاصيل يومية مريرة تُختصر في غياب المشاريع، تدني الخدمات، وانعدام رؤية تدبيرية تُخرجها من هذا الوضع الذي يزداد سوءًا عامًا بعد عام.

فالساكنة تجد نفسها محاصرة بأسئلة بسيطة ومع ذلك بلا جواب: لماذا توقفت التنمية؟ ولماذا ظلّت الإصلاحات التي تُنفَّذ من حين لآخر مجرد ترقيعات شكلية؟ لماذا تُصرف الميزانيات و المدينة غارقة في مشاكل لا تحتاج سوى إرادة حقيقية لحلّها؟

الإنارة العمومية تُعتبر مثالًا صارخًا لهذا العبث. فالمدينة تغرق في بعض الاحيان في ظلام دامس، أحياء كاملة تتحرك فيها الساكنة بصعوبة، في غياب تام للشعور بالأمان. هذا الوضع يُطرح كل سنة، ويُناقش في المجالس، لكن لا شيء يتغير. إنارة ضعيفة، مصابيح معطلة لأشهر، ومسؤولون يكتفون بالوعود.

وفي النهار، تكشف الشوارع المحفّرة حجم الأزمة. طرق مُهترئة، حفر تتربص بالمارة والسيارات، وأرصدة تُصرف دون ان تلامس البنية التحتية الأساسية. حتى الشوارع الرئيسية لم تسلم من الإهمال، فكيف بالأحياء الهامشية التي تحولت إلى مساحات من الغبار والأوحال؟

لكن الوجه الأكثر قسوة يظل هو قطاع الصحة. فالمعاناة هنا ليست ظرفية بل دائمة، عميقة، ومؤلمة. مركز صحي بإمكانيات هزيلة، خصاص في الأطر الطبية، نقص في التجهيزات، وانتظار طويل قد يمتد لساعات من أجل خدمة بسيطة. أما الحالات المستعجلة، فغالبًا ما يكون الحل هو الرحيل نحو مدن أخرى، وكأن العلاج ليس حقًا، بل رحلة شاقة قد تبدأ ولا تنتهي.

هذا الوضع لم يعد مجرد تقصير، بل أصبح عقابًا غير معلن لسكان المدينة الذين يُجبرون على التنقل عشرات الكيلومترات من أجل حق أساسي من حقوقهم.

كل هذا يحدث في مدينة لها طاقات بشرية مهمة وشباب يطمح إلى واقع أفضل، لكن غياب التخطيط، ضعف الحكامة، وانعدام المتابعة يجعل كل المبادرات تولد ميتة. فالمسؤولون المحليون يتعاملون بمنطق “سد الخصاص بالترقيع”، لا بمنطق البناء والتطوير. بينما الساكنة تراقب، تنتظر، وتزداد إحباطًا.

تن مدينة أولاد عياد لا تحتضر… بل يتمّ إطفاؤها ببطء.
وما لم يتحرك المسؤولون، ستظل أولاد عياد مثالًا حيًّا على كيف يمكن لمدينة أن تُترك وحيدة في مواجهة مصيرها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة