كلاش. سياسي
قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن الفساد في المغرب يسير بخطى حثيثة نحو استكمال دورته، مؤكّدًا أنه بات يتفوق على كل الخطابات الرسمية، والقوانين، والالتزامات الداخلية والخارجية، في ظل صمت أو تواطؤ من يُفترض فيهم حماية الصالح العام.
وأضاف الغلوسي في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية، أن العقل السياسي القائم فهم أن المرحلة الحالية، بشروطها الداخلية والخارجية، تتيح له تنفيذ مخططاته دون خوف أو تردد، متسائلًا عن مدى وعي هذا العقل بأن الفساد ليس سوى طريق مباشر نحو خراب الأوطان.
وأشار الناشط الحقوقي إلى أن هذا العقل نفسه منزعج من وجود الآليات والمؤسسات التي تحاول الحفاظ على توازن ما بين القوى المتغولة من “الديناصورات والحيتان الكبرى” وبين باقي فئات الشعب، وهو ما يفسر ـ حسب قوله ـ وجود رغبة صريحة في تخريب هذا التوازن وضرب معالم الأدوات الدستورية والقانونية التي تضمنه.
وفي السياق ذاته، اعتبر الغلوسي أن الحكومة، والمؤسسة التشريعية، وقطاعًا واسعًا من الأحزاب والبرلمانيين، انخرطوا في الضغط من أجل سن قوانين وتشريعات تخدم فئة قليلة من الأشخاص، مع أن التشريع ـ كما شدد ـ يجب أن يكون لخدمة المصلحة العامة لا لتوسيع دائرة الامتيازات والحصانات.
واستغرب الغلوسي ما وصفه بـ”الاجتهاد السياسي” الذي يسعى إلى تضييق المساءلة القانونية، ومنح امتيازات خاصة لفئة تعتبر نفسها فوق المحاسبة، في تجاهل تام لروح الدستور ومبدأ المساواة أمام القانون. وقال في هذا الصدد: “يبدو أن بعض الجهات تنظر إلينا كجمهور مشوش، لا يحق له تشكيل سلطة مضادة كما هو معمول به في الدول الديمقراطية”.
وأوضح رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام أن هناك توجهًا واضحًا نحو تجريد الجمعيات من صلاحياتها وتحويلها إلى مجرد “كومبارس”، فاقدة للفعالية، لا تملك لسانًا ولا أنيابًا. وأضاف أن المؤسسات الدستورية، رغم تنبيهها إلى خطورة منع الجمعيات من التبليغ عن جرائم المال العام، قوبلت بالتجاهل، بل ووجهت لها رسائل ضمنية من قبيل: “دخلي سوق راسك”.
وتابع الغلوسي قائلاً إن هذا التوجه يهدد بتحويل النيابة العامة إلى أداة تخضع لمشيئة الإدارة، بسبب ما وصفه بـ”تشريع طائفي” يعمق من تغول الريع والفساد، ويكرس الظلم و”الحكرة”، ويفتح الباب أمام نشوء “دولة فوق الدولة”.
وختم الغلوسي تدوينته بتساؤل مقلق: “من يدعم هؤلاء ويدفعهم للاستمرار في هذا المسار المفتوح على مستقبل مجهول؟”، مؤكّدًا أن المرحلة تستدعي صحوة مجتمعية حقيقية تقف في وجه تغول الفساد وانهيار منظومة العدالة والمحاسبة.