كلاش بريس /. صحف
توصلت اللجنة الوطنية للطلبيات العموميـة التابعة للأمانة العامة للحكومة بشكايات من شركات تم إقصاؤها من صفقات بدون سند قانوني، وذلك بعد لجوء رؤساء جماعات ومسؤولي مؤسسات ومقاولات عمومية إلى تفويت هذه الصفقات إلى شركات “محظوظة” بمبرر أن عروضها هي “الأكثر أفضلية” رغم وجود عروض أقل منها من ناحية الكلفة المالية.
وكشفت هذه الشكايات أن هؤلاء المسؤولين يستغلون الصيغة الفضفاضة لعبارة “الأكثر أفضلية” لتمرير صفقات مفصلة مقاس شركات يتعاملون معها، مقابل إقصاء شركات تقدم عروضا معقولة تتطابق مع الأثمان المرجعية التي يتم الإعلان عنها في طلبات العروض، ولهذا أصدرت اللجنة الوطنية للطلبيات العموميـة رأيا خلصت من خلاله إلى اعتبار العروض المالية للمتنافسين المطابقة للثمن المرجعي هي العروض الأفضل، وأوصت وزارة الاقتصاد والمالية بتعديل المادة 44 من مرسوم الصفقات العمومية لتدارك هذا الفراغ القانوني.
ونازعت شركات في قرار إقصاء عروضها في إطار صفقات عمومية، معتبرة أن لجان فتح الأظرفة تجانب الصواب في تحديد العروض الأكثر أفضلية في صفقات عمومية، واعتبرت أن مبلغ عرضها المالي الذي يساوي بالضبط مبلغ الثمن المرجعي لطلب العروض هو العرض الأكثر أفضلية.
وكشفت هذه الشركات أنه يتم إقصاء عروضها استنادا على الجزء (ألف) من المادة 44 من مرسوم الصفات العمومية رقم 2.22.431 الذي ينص على أن العرض الأفضل ثمنا المقترح على صاحب المشروع هو “العرض الأقرب للثمن المرجعي بتفريط، وفي حالة غياب عرض أقل من الثمن المرجعي فإن العرض الأفضل ثمنا هو الأقرب إلى هذا الثمن بإفراط”، كما أن المادة 44 لم تنص بشكل صريح على اعتبار العرض الأفضل ثمنا هو المطابق للثمن المرجعي
وطعنت إحدى الشركات في شكايتها الموجهة إلى اللجنة الوطنية للطلبيات العموميـة، في مشروعية قرار عدم اعتبار عرضها المالي العرض الأفضل ثمنا، وبالتالي يتم إقصاؤها من إحدى الصفقات، رغم أن هذا العرض يتطابق تماما مع الثمن المرجعي المحدد من قبل لجنة طلب العروض، وفي رده على الشكاية تشبثت المؤسسة صاحبة الصفقة بمشروعية قرار لجنة طلب العروض، واعتبرت أنها حرصت على التطبيق الحرفي لمقتضيات المادة 44 من مرسوم الصفقات العمومية.
وأكدت اللجنة الوطنية للطلبيات العموميـة أن تحديد مفهوم “العرض الأفضل” وفق ما تنص عليه هذه المادة، فيه الكثير من الغموض، ودعت إلى ضرورة تحديد هذا المفهوم لتجاوز الاجتهاد في التفسيرات، حيث بالرجوع إلى المادة 44 سالفة الذكر فإنها عرفت العرض الأفضل ثمنا المقترح على صاحب المشروع هو العرض الأقرب إلى الثمن المرجعي بتفريط، وفي حالة غياب عروض أقل من الثمن المرجعي المذكور، فإن العرض الأفضل ثمنا هو العرض الأقرب إلى هذا الثمن بإفراط “، وأضافت اللجنة أنه يستنتج من القراءة الحرفية لمقتضيات هذه المادة أن تعريف العرض الأفضل ثمنا إنما تم الاعتداد فيه فقط بالحالة التي تكون فيها العروض المالية للمتنافسين إما أقل من الثمن المرجعي أو أعلى منه أو هما معا دون الأخذ بعين الاعتبار فرضية إمكانية وجود عرض مالي أو أكثر مساو تماما للثمن المرجعي.
وخلصت اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية إلى أن مفهوم العرض الأفضل ثمنا لا يجب أن يحدد فقط بناء على ما جاء في المادة المشار إليها لفظا وصياغة، وإنما البحث عن نية المشرع والغايات المتوخاة أصلا من استحداث معيار الثمن المرجعي كمستجد في مرسوم الصفقات العمومية، وأوضحت أن الغاية الأساسية من وراء التنصيص على الثمن المرجعي وتحديد كيفيات احتسابه إنما تكمن في سعي المشرع للوصول قدر الإمكان إلى الثمن الأقرب إلى الثمن الحقيقي للأعمال المراد إنجازها أو الحصول عليها بما يضمن جودتها ومطابقتها للمواصفات المطلوبة ويحمي المال العام وبما يضمن كذلك حقوق المتعاقد مع الإدارة والتوازن المالي للعقدة، وأكدت أن الثمن المفترض أنه الأقدر على تحقيق هذه المعادلة في صيغتها المثالية هو الثمن المرجعي، وبالتالي فإن مطابقة العرض المالي لهذا الثمن المرجعي يجعله هو العرض الأفضل ثمنا.
وبناء على ذلك، أوصت اللجنة السلطة المكلفة بالمالية باعتبارها الجهة المعهود إليها بإعداد النصوص المنظمة للصفات العمومية باتخاذ الإجراء الذي تراه ملائما من أجل حث لجن طلبات العروض على الأخذ بالعرض المالي المطابق أو المساوي للثمن المرجعي واعتباره العرض الأفضل إعمالا لروح المادة 44 من مرسوم الصفقات العمومية / تقول الاخبار /